الثلاثاء، 10 يونيو 2014

العولمة وأثرها على اقتصاديات العالم الإسلامي 15


العولمة وأثرها على اقتصاديات العالم الإسلامي 15
تكلمنا في الحلقات الماضية عن مؤتمر برايتون وودز وما نتج عنه من صندوق النقد الدولي وبنك الإنشاء والتعمير, وسوف نتكلم في هذه الحلقة بإذنه تعالي وما تليها من حلقات عن تعريف للعولمة ونشأتها والاسلام والعولمة ومظاهر وأسباب العولمة .

العولمة في اللغة مأخوذة من التعولم , والعالمية , والعالم , وفي الاصطلاح تعني اصطباغ عالم الارض بصبغة واحدة شاملة لجميع أقوامها وكل من يعيش فيها , وتوحيد أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية من غير اعتبار لاختلاف الاديان والثقافات والجنسيات والاعراق , وقد عرضت تعريفات متعددة للعولمة , ولكن وصل الي انه ليس هناك تعريف جامع مانع لها , فهو مصطلح غامض في اذهان كثير من الناس , يرجع سبب ذلك الي ان العولمة ليست مصطلحاً لغوياً قاموسياً جامداً يسهل تفسيرها بشرح المدلولات اللغوية المتصلة بها , بل هي مفهوم شمولي يذهب عميقاً في جميع الاتجاهات لتوصيف حركة التغيير المتواصلة . ولكن مما يلاحظ من التعريفات التي أوردها الباحثون والمفكرون التركيز الواضح على البعد الاقتصادي لها . لان مفهوم العولمة بداية له علاقة وطيدة بالاقتصاد والرأسمالية وهذا ما جعل عدداً من الكُتاب يذهبون إلي أن العولمة تعني :
تعميم نموذج الحضارة الغربية – خاصة الامريكية – وانماطها الفكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية على العالم كله .
نشأة العولمة :-
شاع هذا المصطلح في التسعينات بعد انهيار المعسكر الشيوعي , واستفراد أمريكا بالعالم , ولا سيما عند ما طالبت امريكا دول العالم بتوقيع اتفاقية التجارة العالمية . بقصد سيطرة الشركات العابرة للقارات على الاسواق العالمية , مما يؤكد أن العولمة بثوبها الجديد امريكية المولد والنشأة.
ويرى الباحثون الذين تحدثوا عن نشأة العولمة أن العولمة عملية تراكمية , أي أن هناك عولمات صغيرة سبقت ومهدت للعولمة التي نشدها اليوم , والجديد فيها هو تزايد وتيرة تسارعها في الفترة الأخيرة بفضل تقدم وسائل الاعلام والاتصال , ووسائل النقل والمواصلات والتقدم العلمي بشكل عام , ومع ذلك فهي لم تكتمل بعد .
الإسلام والعولمة :-
هناك فرق بين عالمية الإسلام , وعولمة الغرب , فعولمة الغرب اقتصادية الاساس وتسعي إلي الهيمنة على العالم برفع القيود عن الاسواق والبضائع ورؤوس الاموال. وهذا يفضي الي تعميق النزاعات والصراعات .
اما عالمية الاسلام فتقوم على اساس التعارف والانفتاح على الثقافات الأخرى بلا نفي أو إقصاء أو إكراه . قال تعالي : (( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )) سورة البقرة الآية 256 .
مظاهر وأسباب العولمة :-
العولمة هي اقتصادية في مظهرها العام , وعلى رغم التطورات والتغيرات المتسارعة التي حدثت في النصف الأخير من القرن العشرين والتي كان لها الاثر الكبير على مجريات اقتصاديات العالم , فإن معظم الكُتاب يجمعون على أن هناك أربعة عناصر أساسية يعتقدون أنها أدت الي بروز تيار العولمة وهي :-
-         تحرير التجارة الدولية .
-         تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة .
-         الثورة المصرفية .
-         تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات .
ويكمن إجمال الحديث عن هذه العناصر على النحو التالي :-
1)    تحرير التجارة الدولية : ويقصدون به تكامل الاقتصاديات المتقدمة والنامية في سوق عالمية واحدة مفتوحة لكافة القوى الاقتصادية في العالم , وخاضعة لمبدأ التنافس الحر , وبعد الحرب العالمية الثانية رأت الدول المنتصرة ضرورة قيام نظام اقتصادي عالمي يخدم بالأساس مصالحها ومصالح البلدان الصناعية بصفة عامة , وقد مهد مؤتمر ( برتيون  ودز ) عام 1944م الطريق لتأسيس النظام الاقتصادي العالمي الحديث حيث تم بموجبه إنشاء صندوق النقد الدولي , والبنك الدولي للإنشاء والتعمير , والاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة (الجات)
ومع الانتقال من ( الجات ) إلى منظمة التجارة العالمية التي تسعى إلى إلغاء كل الحدود التجارية في العالم , انتقل الاقتصاد العالمي إلى مرحلة اشتراكية السوق , أو دكتاتورية السوق . وإن الفوائد المرتقبة للعولمة ستكون موزعة توزيعا غير عادل وغير متكامل في داخل الدول النامية .وفيما بينها وبين المتقدمة, بل و بين  المتقدمة نفسها.
2)    تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة :-  حيث حدثت تطورات هامة خلال السنوات الأخيرة تمثلت في ظهور أدوات ومنتجات مالية  مستحدثة ومتعددة , إضافة إلى أنظمة الحاسب الآلي ووسائل الاتصال .والتي كفلت سرعة انتشار هذه المنتجات , وتحولت أنشطة البنوك التقليدية إلى بنوك شاملة تعتمد إلى حد كبير على إراداتها من العمولات المكتسبة من الصفقات الاستثمارية من خارج موازنتها العمومية ويرجع ذلك إلى سببين رئيسية هما :-
أ‌)       تحرير أسواق النقد العالمية من القيود .
ب‌)  الثورة العالمية في الاتصالات الناجمة عن الأشكال التكنولوجية الجديدة
3)    التقدم العلمي والتكنولوجي :- وهو ميزة بارزة للعصر الراهن , وهذا التقدم العلمي جعل العالم أكثر اندماجاً , كما سهل حركة الأموال والسلع والخدمات ( وإلى حد ما حركة الإفراد ) ومن ثم برزت ظاهرة العولمة , والجدير بالذكر أن صناعة تقنية المعلومات تتركز في عدد محدود من الدول المتقدمة أو الصناعية دون غيرها .
4)    الشركات متعددة الجنسيات : إذا صح وصف هذا العصر بأنه عصر العولمة , فمن الأصح  وصفه بأنه عصر الشركات متعددة الجنسيات باعتبارها العامل الأهم لهذه العولمة . ويرجع تأثير هذه الشركات كقوة كبرى مؤثرة وراء التحولات في النشاط الاقتصادي العالمي الى  الأسباب التالية :-
أ‌)       تحكم هذه الشركات في نشاط اقتصادي في أكثر من قطر , وإشاعتها ثقافة  استهلاكية موحدة .
ب‌)  قدرتها على استغلال  الفوارق  بين الدول في هبات الموارد .
ج) مرونتها الجغرافية .
                    الى اللقاء في الحلقة القادمة  إن شاء الله
                    سامي زين العابدين حماد

ليست هناك تعليقات:

تابعني علي التويتر