الاثنين، 6 أغسطس 2012

الربيع العربي قادم وإلى الربيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى الحلقة ((38)):


الربيع العربي قادم وإلى الربيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى الحلقة ((38)):

تعرفنا في الحلقة الماضية عن ملخص تاريخ المسجد الحرام ورأينا كيف وأن ملوك المملكة العربية السعودية جزاهم الله خيرا ساهموا مساهمة  فعلية في توسيع المسجد الحرام  وفي هذه الحلقة نتعرف على ملخص تاريخ المسجد النبوي الشريف لنتعرف على مدى اهتمام الخلفاء المسلمين في توسعة هذا المسجد وعلى الأخص ملوك المملكة العربية السعودية وفيما يلي نوجز تاريخ المسجد النبوي الشريف .



وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم  المدينة في 16 ربيع الأول سنة 1هـ الموافق 28سبتمبر عام 622م , فأدركته صلاة الجمعة في بني سليم بن عوف فجمع بهم في بطن الوادي , وقد أقيم في هذا المكان مسجد أطلق عليه مسجد الجمعة , وهو المسجد المعروف الآن في المدينة المنورة بمسجد الجمعة والقريب من كلية التربية للبنات سابقا الواقعة في حي الجمعة .

 وكان النبي صلى الله عليه وسلم عند قدومه للمدينة من ناحية قباء قد أقام مسجد قباء الذي وصفه الله تعالى بقوله : (( لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه  فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين )) 108 التوبة .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم حينما دخل المدينة بعد أداء  صلاة الجمعة يركب ناقة وكان رديفه صاحبه أبوبكر الصديق رضي الله عنه , وكان الأنصار كل يريد أن يحظى برسول الله ضيفا عنده , وكان الكل يريد أن يحزب الناقة إلى داره , إلا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم : أتركوها فإنها مأمورة .
فسارت الناقة حتى وصلت مربدا في وسط المدينة فبركت وكان المربد لغلامين يتيمين  في المدينة من بني النجار , وهما سهل وسهيل ابنا رافع بن عمرو , وكانا في حجر أبي إمامة أسعد بن زرارة , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صاحب المربد ؟ فقيل له عن صاحبيه , فطلب الرسول صلى الله عليه وسلم  الغلامين وقال لهما : إني أريد أن أبني مسجدا مكانه , فقالا : نهبه لك يا رسول الله  فأبى صلي الله عليه وسلم وقال : لا بل اشتريه منكما , فاشتراه صلى الله عليه وسلم ودفع المال أبوبكر الصديق رضي الله عنه وكانت عشرة دنانير وقد بنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجده مكونا من رحبة ( صحن ) واسعة تحيط بها جدران جهاتها الأربعة , وكان طول كل جدار سبعين ذراعا , وفي بداية الأمر كان مكشوفا ثم أنشأ ظلة في الناحية الشمالية , وكانت مبنية من جذوع النخل مرتكز عليها سعف من جريد النخل . وحينما تحولت القبلة إلى مكة المكرمة في اتجاه الكعبة أنشأت ظلة أخري من الجهة الجنوبية وبقيت الظلة القديمة مكانا لأهل الصفة , وكان ما بين الظلتين رحبة واسعة مكشوفة , وقد ثبتت جدرانه من اللين  , وكان له ثلاث أبواب , اثنتان منهما من جهة الشرق والثالث من جهة الغرب , وكانت بيوت النبي صلى الله عليه وسلم ملتصقة  بالمسجد .
 ولتزايد أعداد المسلمين فقد ضاق بهم المسجد حيث قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوسعته وجعله مربعا وأصبح 100×100 ذراع , أي ما يساوي   50×50 متر , ثم زاده الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث جعل أضلاعه 130×120 ذراعا , وجعل أساطينه من اللين وسقفه من جريد النخل , وزاد عدد أبوابه حيث أصبحت ستة أبواب , ثم وسعه الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه حيث جعله 160×139 ذراعا , وبنيت جدرانه بالحجارة المنقوشة والجبص  , وعمده من الحجارة المنقوشة وسقفه من خشب الساج  ويقع له ستة أبواب .



وهنا نجد أن بناء المسجد أخذ يتطور , إذ حل الحجر المنحوت , ووضع بها قطع من الحديد مغطاة بالرصاص من أجل تثبيت الحجارة بعضها مع بعض , واستخدم خشب الساج ( التيك ) بدلا من جريد النخل وبدلا من جذوع النخل التي كانت تحمل السقف بين العمود والعمود, استخدمت جسور خشبية ترتكز على ثلاثة أعمدة وطليت الجدران بالجبص وعلمت نوافذ في أعلى الجدار .
وقد ظل المسجد النبوي على حاله حتى عهد عبد الملك بن مروان , حيث وسعه وجعله 200×160 ذراعا , وهنا نجد تطورا كبيرا حدث في بناء المساجد الإسلامية , إذ نجد أن الخط العربي الجميل استخدم في تزيين جدران القبلة إذ كتب عليه سورة الفاتحة , ومن سورة الشمس إلى آخر سورة الناس , كما استخدمت الفسيفساء في تزيين جدران المسجد حيث رسمت عليها أشجار من الفسيفساء , كما استخدمت الزخارف والنقوش الجميلة خاصة سقف المقصورة التي يصلي فيها الإمام , حيث بناها من ساج وزخرف سقفها بالفسيفساء .
كما أن سائر أعمدة المسجد كسيت بالرخام وبنيت الأعمدة على قواعد مربعة , ورؤوسها مذهبة عليها جسور منقوشة مذهبة , ونجد أن السقف يرتكز على هذه الجسور هو أيضا منقوش ومذهب وكذلك المحراب زين بالذهب . 



ونجد أن ابن جبير يصف مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلال زيارته للمدينة والذي يرجع بناؤه إلى العهد الأموي قائلا : ( إن النصف الأعلى من جدار القبلة مطعم كأنه بفصوص من الذهب المعروفة بالفسيفساء , وقد أتقن الصناع فيه إتقانا باهر الصنعة , حيث تضمنت تصاوير أشجار مختلفة الصفات مائلة الأغصان الكثيفة , والمسجد كله على هذه الصفة , لكن الصفة في جدار القبلة أكثر اعتناء , والجدار الناظر إلى الصحن من جهة القبلة , كذلك من الجهة الشمالية المطلة على الصحن , أما الجدران الغربي والشرقي الناظران إلى الصحن مجردان أبيضان و مقرنصان قد زينا برسم يتضمن أنواعا من الأصبغة .

توسعة الخليفة العباسي المهدي (158 – 169 هـ ) :-
 بقى المسجد النبوي الشريف على حاله بعد عمارة الوليد بن عبد الملك والتي انتهت في عام 91 هـ , وكانت العمارة الوحيدة في العصر الأموي وبعد زيارة المهدي أصبح المسجد النبوي يحتوي على مساحة 254×126.5 ذراع , وبالتالي بلغت زيادة المهدي 22450 مترا مربعا . هنا نجد تطورا كبيرا في بناء المسجد إذ استخدمت العقود بدلا من الجسور , وقد زخرفت أقواس العقود بالفسيفساء , كما زخرفت جدران المسجد الشمالية والجنوبية بالفسيفساء , أما الجدران الشرقية والغربية فكانت بيضاء مقرنصة .

عمارة  قايتباي 886- 889هـ :-
لقد تعرض المسجد لحريق نتيجة لصاعقة أصابت المئذنة الجنوبية الشرقية , وحدث ذلك في 12 رمضان سنة 886هـ , وأعيد بناء المسجد , وفي هذه المرة استخدمت فيه العقود والقباب بدلا من العقود والأسقف الخشبية واستخدم الرخام في كسوة المحاريب داخل المسجد , مثل المحراب النبوي والمحراب العثماني وعمل منبر جميل من الرخام , كما استخدمت قمريات محلاة بالزجاج الملون عليها  شبك  . وقد أضاف قايتباي إلى مساحة سطح المسجد النبوي الشريف مائة وعشرون مترا مربعا , وفي تلك الفترة لم تكن جميع أسقف المسجد من القباب بل كان يحتوي على قباب وجزء منه على أسقف خشبية مزركشة بنيت على عقود , إلا إنه في العهد العثماني عملت عدة إصلاحات ومن ضمنها تم استبدال الأسقف الخشبية إلى قباب حتى شملت القباب جميع أجزاء المسجد النبوي إلى أن أتت عمارة السلطان عبد المجيد للمسجد النبوي الشريف .




عمارة السلطان عبد المجيد الأول 1255- 1277هـ :-
وفي عهد السلطان عبد المجيد الأول أجريت اكبر عمارة شهدها المسجد النبوي الشريف في العهد العثماني وما قبله , شملت جميع المسجد عدا الحجرة النبوية الشريفة والمحاريب الثلاثة والمنبر والمنارة الرئيسية وقد استغرقت فترة البناء اثنتي عشرة سنة , أي بعد ما مضى على عمارة قايتباي أربعمائة عام , فقد سرى الخراب إلى بعض سقوف وأعمدة المسجد , وهنا نرى نوع آخر من العمارة حيث استخدمت الحجارة في بناء الأساطين , حيث جعلوا بعض الأساطين قطعة واحدة من الحجر والبعض الآخر قطعتين , وشيدوا عليها عقود نصف دائرية تقوم عليها قباب مختلفة الأحجام والتصميم , إلا إنها متشابهة في كل رواق في أكثر أروقة المسجد , وجعلوا لها نوافذ وزخرفوها من الداخل و زينوها بصور الأشجار والأزهار , وبنوا جدار القبلة من الرخام والقيشاني  المزخرف وعملت الأعمدة من الحجر الأحمر وكسيت بالرخام المزخرف بماء الذهب , وكسيت قواعد الأعمدة بالنحاس الأصفر .
لقد امتازت  العمارة في الحرم النبوي الشريف بالزخارف على أسطح القباب الداخلية , وكذلك تذهيب المحاريب الثلاثة والمنبر , وكتابة الآيات القرآنية وأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم على جدران القبلة , إذ كتبت الآيات والنصوص والقصائد بخط الثلث الجميل وبماء الذهب وكان كاتبها هو الخطاط التركي عبد الله زهدي حيث استغرقت  ثلاثة سنوات من الزمن , وقد بلغت زيادة السلطان عبد المجيد 1292مترا مربعا . وقد أزيلت معظم بناية السلطان عبد المجيد في التوسعة السعودية الأولى , ولم يتبق منها إلا الجهة الجنوبية التي نشاهدها الآن . وهي ورعة في الفن المعماري والزخرفة و النقوش الإسلامية الرائعة .
ويمكننا تلخيص حالة المسجد النبوي  بعد التوسعة السعودية الأولى كما يلي :
1-    أن القسم الجنوبي مما يلي باب الرحمة وباب النساء هو من عمارة السلطان عبد المجيد 1265- 1277هـ
2-    القسم الشمالي مما يلي باب الرحمة وباب النساء هو من عمارة الملك عبد العزيز آل سعود 1370- 1375هـ
3-    مباني الحجرة المطهرة وقواعد القبة الخضراء وأعمدتها هي عمارة السلطان قايتباي عام 887هـ .
4-    النوافذ القائمة حول الحجرة النبوية الشريفة هي من إنشاءات الظهار بيبرس عام 668هـ , والملك زين الدين كتبغا عام 694هـ .
5-    القبة الخضراء وأول من صبغها باللون الأخضر السلطان عبد المجيد عام 1233هـ.
6-    المحراب النبوي من إنشاءات قايتباي 886- 890هـ .
7-    المحراب السليماني الذي يقع على يمين المنبر من إنشاءات الأشرف  قايتباي عام 860هـ .
8-    المحراب العثماني في الجدار القبلي للمسجد هو من إنشاءات السلطان قايتباي عام 887هـ.




 مساحة التوسعة السعودية الأولي :-
من المعلوم لدينا أن التوسعة السعودية الأولى شملت أجزاء العمارة  المجيدية التي هدمت وأعيد بناؤها ضمن العمارة السعودية الأولى وتلك الأجزاء تبدأ من باب الرحمة غربا إلى باب عمر رضي الله عنه شمالا , ومن باب النساء شرقا إلى باب عثمان رضي الله عنه شمالا وهذا يمكننا أن نقرر الآتي :
1-    مساحة المسجد النبوي الشريف قبل التوسعة السعودية الأولى 10302 متر مربع .
2-    مساحة الأجزاء  التي هدمت من الجهات الثلاث 6247 متر مربع
3-    الباقي من المساحة في الجهة القبلية من البناء المجيدي 4056 متر مربع .
4-    مساحة الزيادة في التوسعة السعودية الأولي 6024متر مربع .
5-    مساحة الأجزاء التي أعيد تعميرها في التوسعة السعودية الأولى 6247متر مربع.
6-    مساحة التوسعة السعودية الإجمالية12271متر مربع .
7-    مساحة المسجد الإجمالية بعد التوسعة الأولى 16327متر مربع .

الخطوط العريضة للتوسعة السعودية الثانية :-
 وتعتبر هذه التوسعة التي تمت في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز أكبر توسعة يشهدها الحرم النبوي الشريف , إذ لم يسبق لها مثيل في تاريخ المسجد النبوي الشريف وملخصها كالتالي :
1-    مضاعفة مساحة المسجد من 16327متر مربع إلى 165000 متر مربع أي عشرة أمثال المساحة السابقة .
2-    تصميم المبنى بحيث يمكن إضافة دور آخر عندما تتطلب الحاجة  لذلك .
3-    تهيئة سطح التوسعة الجديدة للصلاة لاستيعاب أكبر قدر ممكن من المصلين .
4-    زيادة عدد المآذن من أربع إلى عشر مآذن حاليا
5-    زيادة مداخل المسجد إلى 16 مدخلا رئيسيا و14 مدخلا فرعيا .
6-    إنشاء خمسة مباني للسلالم  المتحركة لتأمين راحة المصلين في أوقات الذروة .
7-    إضافة 70 بابا إلى المسجد وبذلك يصبح عدد الأبواب 86 بابا .
8-     تركيب 36 سقفا متحركا , ويعتبر هذا نوعا جديدا نم الإنجازات الرائعة.
9-    جعل ارتفاع الدور السفلى 4,5 متر والعلوي 12,6 متر والسطح 4 أمتار .
10- إنشاء شبكة متكاملة للمياه والصرف الصحي وتأمين مياه زمزم على مدار العام .
11- مراعاة انسجام كامل بين المبنى الأساسي للمسجد ومباني التوسعة الجديدة .
12-  استخدام الزخارف والنقوش الإسلامية في تجميل الجدران والسقف .
13- استخدام تقنية حديثة في الإضاءة  والتكيف ومرافق الخدمات ألآخري.
14- استخدام الرخام البارد ( المقاوم للحرارة ) في كافة أعمال الرخام بالتوسعة .
15-  استخدام أحدث المواصفات في إنشاء المواضي وصنابير مياه الشرب .
16- تزويد التوسعة بالقناديل والثريات والنجف على أفضل المستويات .
17- إنشاء مواقف للسيارات في بدروم الجهات المكشوفة من حوالي التوسعة بلغت حوالي 4444 موقفا .

وأوضح أن مشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة الحرم النبوي الشريف سينفذ على ثلاث مراحل تتسع المرحلة الأولى منها لما يتجاوز 800 ألف مصل، كما سيتم في المرحلتين الثانية والثالثة توسعة الساحتين الشرقية والغربية للحرم، بحيث تستوعب 800 ألف مصل إضافيين .

                                       إلى اللقاء في الحلقة القادة إن شاء الله
سامي زين العابدين حماد

ليست هناك تعليقات:

تابعني علي التويتر