العولمة وأثرها على اقتصاديات العالم الإسلامي 17
كلمنا في الحلقة الماضية عن مفهوم وواقع العالم الإسلامي وعلى تعريف
العالم الإسلامي والأمة الإسلامية , وبعض مظاهر الاقتصاد في العالم الإسلامي .
وفي هذه الحلقة سوف نتكلم بإذنه تعالى عن موقف أقطار العالم الإسلامي
من العولمة : فليس من الحكمة أن تقف أقطار العالم الإسلامي مكتوفة الأيدي إزاء
ظاهرة العولمة , بل يجب أن تأخذ بالأسباب لمواجهة سلبياتها بالموضوعية قبل فوات
الأوان , ونرى أن هناك حاجة لإعطاء أولوية عليا للجوانب الآتية :-
1-نحو مشروع حضاري إسلامي :-
في ضوء التحديات و المستجدات التي يشهدها العالم فإنه لا خيار للدول
الإسلامية في المرحلة الحالية والمقبلة سوى الاعتماد على الذات وصياغة مشروع
مستقبلي قادر على تعبئة الجهود , واعادة الديناميكية إلى الأمة ومؤسساتها , وتعزيز
لحمة التكامل الاقتصادي والتنموي بين أقطارها ,هذا المشروع يهدف إلى تكوين الشخص
المسلم الذي يفقه الدين ويفهم العصر , ولا يكون ذلك إلا بتعميق الإيمان وصدق
العطاء .
2-التكامل الاقتصادي :- لقد بات التكامل الاقتصادي بين مختلف الأقطار
الإسلامية من الأهمية بمكان , حيث لا تستطيع هذه الأقطار مواجهة متطلبات العولمة اعتمادا
على الإمكانات القطرية , فالترابط والتكامل الاقتصادي الإسلامي أصبح قضية مصيرية ,
ولكن من المحزن حقاً أن نرى حماس الدول الإسلامية للتكتل والاندماج يضعف ويخبو في
الوقت الذي أصبح فيه الاندماج والتكتل سمة العصر .
إن التكتل المنشود يحتاج إلى إرادة قوية , وشعور جماعي بالأخطار الاقتصادية
والاجتماعية والسياسية التي تواجه المسلمين , والتي تتعاظم في ظل تدني مستوى
التعاون بين الدول الإسلامية , وفرض سياسات العولمة على أمتنا الإسلامية ولا يتم
ذلك إلا بوضع استراتيجية جديدة للتبادل التجاري بين الدول الإسلامية واقامة منطقة
حرة بين الأقطار الإسلامية .
3- ضرورة التنمية البشرية :- إن العنصر البشري هو ركيزة كل تقدم علمي
وتكنولوجي قديماً وحديثاً , للتنمية البشرية جانبان : -
الأول : تشكيل القدرات البشرية مثل تحسين الصحة والمعرفة والمهارات .
الثاني : انتفاع الناس بقدراتهم المكتسبة في المجالات الشخصية والحديث
عن العنصر البشري كمقوم أساسي من مقومات التنمية , ومن ثم التصدي لسلبيات العولمة
,يتطرق لمجالات متعددة , تحدد بالكفاية الإنتاجية لهذا العنصر في مجال التعليم
والصحة والتغذية والتربية الروحية , والقيم العقدية والإنتاجية . وفي حقيقة الأمر
فإن جوهر أزمة التخلف في المجتمعات الإسلامية يرجع في النهاية إلى الخلل في عالم
الأشخاص , لذا فإن خطط مواجهة العولمة يجب
أن تظهر اعتمادا أكبر على الكائنات البشرية , ومن هنا يجب أن نجعل شعارنا :
الإنسان أولاً .
4- الشفافية ومحاربة الفساد : لقد أخذ الفساد يستشري في كثير من
الأقطار الإسلامية , وبات أمراً عادياً وليس وضعا شاذاً أقرب إلى الاستثناء .
5- ويمكن القول بأنه لم يكن لم يمكن حتى الآن وضع تعريف جامع مانع
للفساد , والتعريفات التي تناولت مفهوم الفساد تبدو ناقصة وقاصرة ,ورغم حقيقة أن
الفساد السياسي هو الفساد الأكبر الذي يحتاج إلى جهات أكبر , حيث أن الأصل في
الفساد الأصغر , والمهم التركيز على الفساد الاقتصادي وبصفة خاصة أجهزة القطاع
العام الذي يعرفه البنك الدولي بأنه ): إساءة استعمال السلطة
العامة لتحقيق مكسب خاص ) .
وللفساد آليتان رئيسيتان هما :
1-العمولة لتسهيل عقد الصفقات .
2- وضع اليد على المال العام , والمحسوبية , أي تحويل الموارد
الحقيقية من المصلحة العامة إلى أصدقاء الحاكم السياسيين .
وقد استعنت في معرض حديثي عن العولمة والعالم الإسلامي بإحصاءات
ومقارنات في جوانب متعددة من الموضوع وقد ركزت بوجه خاص على الجداول التي تعطي
صورة واضحة مقارنةً للحقائق التي يراد معرفتها, حيث اطلعت على خمسة وعشرين جدولاً
تناولت القضايا الآتية منها :-
تطور التجارة الدولية- تكاليف النقل الجوي والمكالمات الهاتفية
-أكثر من ( 20 ) دولة منتجة ونصيبها من علوم العالم – الفائزون بجائزة
نوبل- شركات العالم الأكثر إنفاقاً على البحث والتطوير – بيان الشركات الخمسمئة في
العالم – أكبر مئتي شركة مؤثرة في الاقتصاد العالمي – مؤشر دافعي الرشوة والمصدرين
لها – الناتج القومي في بعض الدول الإسلامية وغيرها – مؤشرات الفقر – والفقر في
مجموعة مختارة لدول إسلامية بالنسبة لنصيب الفرد من الناتج المحلي نسبة نصيب
الأسرة من الدخل الإجمالي – حجم التجارة البينية للدول والأعضاء في البنك الإسلامي
للتنمية - النمو التعليمي والتنمية البشرية -التغيرات في عدد الأطبة الأجانب في
الولايات المتحدة حسب الدول التي تخرجوا منها - حصة المقالات المنشورة في كبريات
المجلات العلمية - البراءات الممنوحة في بعض الدول الإسلامية والمتقدمة - نسبة
الإنفاق على البحث العلمي .
الاتصالات في العالم الإسلامي - مؤشر الفساد - الاقتصاد الخفي ونسبته
إلى الناتج المحلي الإجمالي وغيرها من الجداول والمقارنات .
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
سامي زين العابدين حماد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق