العولمة وأثرها على الاقتصاديات الدول الإسلامية (2)

   العولمة وأثرها على الاقتصاديات الدول الإسلامية(2)

بعد انهيار الشيوعية وانفجار الاشتراكية من الداخل , وتفكك اليمين التقليدي , خرجت الليبرالية الجديدة باسم العولمة لتغزو كل الدول وتدعو إلى حرية انتقال رأس المال , وإلغاء الحواجز الجمركية  , وتطيح بالأنظمة لتعزيز حريات المبادلات التجارية , مما أدى إلى تباعد بين النشاط المالي والنشاط الاقتصادي فمن أصل ألف و1500 مليار دولار تدخل العمليات المالية على الصعيد العالمي , هناك 1% فقط يوظف لاكتشاف ثروات جديدة ويدور الباقي في إطار المضاربات .

ماهي العوامل التي أدت إلى بروز ظاهرة العولمة في الوقت الراهن ؟ وهل هذا يرجع إلى انهيار نظام الدولة ذات الحدود المستقلة ؟ وهل العولمة تتضمن زيادة التجانس أم تعميق الفوارق والاختلافات ؟ وهل الهدف هو توحيد العالم أم النظم المجتمعية عن طريق الحدود المصنوعة ؟ وهل العولمة تنطلق من مصادر رئيسية واحدة , أم تنطلق من مصادر متنوعة ومتداخلة ؟ وهل تنطلق من عوامل اقتصادية وإبداع ثقني أم من خلال الأزمة الأيكولوجية  ؟ وهل هي عبارة عن اتحاد لكل هذه العوامل أم إنه لاتزال هناك أبعاد أخرى ؟ وهل العولمة تتميز بوجود ثقافات عامة أم مجموعة من الثقافات المحلية المتنوعة وهل العولمة غامضة أم أنها تحول بارز على المدى الطويل بين العام والخاص , وبين المحلي والخارجي , وبين المغلق والمفتوح ؟ وهل هي استمرار لنمو الفجوة بين الفقراء والأغنياء على جميع المستويات ؟ وهل العولمة تتطلب وجود حكومة عالمية ؟                                        

! جوهر عملية العولمة يتمثل في تسهيل حركة الناس وانتقال المعلومات والسلع والخدمات على النطاق العالمي, وتشمل الحركة والانتقالات التي تنتشر عبر الحدود على ستة فئات رئيسية وهي :- البضائع , الخدمات , الأفراد , رأس المال , الأفكار , والمعلومات والمؤسسات ويهدف النظام الرأس مالي الذي يحكمه قانون تعظيم الارباح الخاصة الى التوسع وذلك عبر استثمار أرباحه والحصول على قروض من أسواق الرساميل فإذا لم يتوسع يتعرض للركوض والكساة والأزمات الدورية , والأمثلة التاريخية على هذه الأزمات كثيرة ومعروفة , ويؤدي التوسع إلى ظهور المنشئات الاقتصادية  الكبرى عبر تركز وتمركز رأس المال , ومن أهم آليات تحقيق ذلك عمليات الدمج بين المنشئات الكبرى أو استيلاء منشئة كبرى على منشئة أصغر منها  عن طريق الشراء أو غير ذلك, كما أنه في عملية التوسع تتراكم فوائض مالية لا تجد أحيانا ً مجالات مربحة في استثمارات حقيقية تؤدي إلى زيادة الإنتاج والتجارة بل تجد الفوائض تضغط لتأمين حرية انتقالها من دولة أخرى عبر إزالة القيود على حركة الرساميل , كما أن العولمة تعمل على فرض اللبرالية على جميع الدول دون استثناء ومحاربة  الاسلام والاقتصاد والإسلامي ومبادي الاسلام وخير دليل علي ذلك هو التدخل السافر في دول الربيع العربي , اذ نجد في مصر قامت كبري دول العولمة بالتدخل في الشئون الداخلية وفي كل من تونس وليبيا وتركيا واليمن وسوريا وفلسطين لمنع وصول الإسلاميين إلي الحكم , وذلك لان هذه الدول سوف تطبق الاقتصاد الإسلامي والشريعة الإسلامية وبالتالي سوف ينهض اقتصادها وتصبح من الدول ذات الاقتصاد القوي وبهذا سوف تكون منافساً قوياً في إنتاجها الصناعي والزراعي لدول العولمة الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة .

إذ نراها في تركيا وعلى قرب الانتخابات البرلمانية والرئاسية صنعت مشكلة حزب العدالة والتنمية في تركيا , إذ اتهمت بعض أبناء وزرائه بالفساد في حين ان الاموال التي حجزت هي تبرعات جمعها المتهمون لدعم جامعة من جامعات تركيا الخيرية . كذلك الأمر في جمهورية مصر العربية قبض على الإسلاميين ووضعوا في السجون ولفقت لهم التهم والادعاءات الكاذبة في حين اللبراليين والعلمانيين والذين نهبوا الشعب المصري مليارات الدولارات وهربوها الي الخارج حكم عليهم بالبراءة وهم الأن سوف يدخلون الانتخابات البرلمانية وسوف يعودون الي حكم مصر وسوف تزور الانتخابات وسوف يفرضون على الشعب المصري فرضاً إجبارياً وهذا كله من عوامل العولمة وكذا الحال بالنسبة لليبيا وتونس واليمن وتركيا وسوريا والمغرب العربي والجزائر وهكذا سوف تفرض العولمة مذهبها بجميع الوسائل حتي يكون العالم واقتصادياته خاضعة لدولة العظمي في حين أن الإسلاميين يريدون تضيع السلاح بأيديهم وتامين غذاءهم عن طريق بلدانهم وتصنيع الدواء بأيديهم حتي لا يكونوا تحت سيطرة أي قوى عالمية وهذا ما لا تريده  دول العولمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي تربح مليارات الدولارات من جراء بيع سلاحها الى دول العالم الإسلامي وبيع قمحها ومنتجاتها الصناعية الأخرى الي دول العالم العربي والإسلامي

ويمثل النظام الاقتصادي المعاصر مرحلة جديدة من مراحل تطور الاقتصاد الرأسمالي العالمي , وقد يكون من الممكن تسمية هذه المرحلة بالعولمة كما هي محددة اعلاه , او اقتصادا دولياً اكثر تكاملا واندماجاً .  

                          الى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله  

                            سامي زين العابدين حماد