كيف تحكم أمريكا – الحلقة (52)
لمسنا في الحلقات الماضية كيف أن اليهود ينظمون أنفسهم في مؤسسات لكي يخدموا جماعاتهم الدينية في الولايات المتحدة وفي دولة إسرائيل، وأن معظم هذه المنظمات تنسق فيما بينها وتعمل بدون فرض ضرائب عليها، وقد ذكرنا في الحلقات الماضية عددا كبيرا منها لأبين للقارئ الكريم كيف وأن اليهود يعملون متحدين ضدنا
ونحن أمة إسلامية ديننا الحنيف يفرض علينا الاتحاد والتعاون فيما بيننا، والنصوص الشرعية في هذا المجال سواء من القرآن الكريم أو السنة لاحصر لها ولكن للأسف الشديد وكأننا اتفقنا على أن لا نتفق، وعدونا يعمل منذ زمن بعيد ويخطط لإقامة دولة إسرائيل العظمى من النيل إلى الفرات، لذا وددت في هذه السلسة من المقالات أن أبين للقارئ الكريم الكم الهائل من المنظمات اليهودية التي تعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، فكيف لو قمنا بالبحث الدقيق عن المنظمات اليهودية التي تعمل في أوربا وبقية أنحاء العالم؟ فطالما أن الكلام عن الولايات المتحدة فإن البحث بإذنه تعالى سوف يشمل الولايات المتحدة لأبين للقراء أنه لايمكننا أخذ حقوقنا وحماية أراضينا من الاستيلاء عليها إلا باتحادنا اقتصاديا وعسكريا وتجاريا وثقافيا، فاليوم لاعيش بكرامة على هذه البسيطة إلا للأقوياء، وقوتنا في اتحادنا ووحدة كلمتنا، وسوف أرجئ الكلام مفصلا عند الانتهاء من موضوع كيف تحكم أمريكا، وحينما نتابع الحديث عن المنظمات اليهودية التي تعمل تحت ستار القانون الأمريكي نجد بالإضافة إلى ماذكر آنفا في المقالات السابقة مايلي:10) عصبة مناهضة الافتراء التابعة لبناي برث: وتأسست في عام 1913 وكانت في بداية تأسيسها تهدف إلى حماية وخدمة الأقليات اليهودية في الولايات المتحدة، وبعد تأسيس دولة إسرائيل في سنة 1948 أخذت رويدا رويدا تساند دولة إسرائيل وتحاول جاهدة مساعدتها لدى الإدارة الأمريكية، وقد ظهر دفاعها عن دولة إسرائيل بقوة وجلاء بعد حرب عام 1967 إذ أخذت تناهض جميع التيارات التي في الولايات المتحدة والمناهضة لدولة إسرائيل والمتحيزة للفلسطينيين والعرب حتى أصبح معظم نشاطها يتركز في مساعدة دولة إسرائيل بعد أن كان جل اهتمامها هو مساعدة الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة، إذ أخذت تناهض اليمين الأمريكي وكذلك اليسار الأمريكي المناهضين لدولة إسرائيل في تلك الأيام. كما تعمل جاهدة لإيقاف صفقات السلاح مع العرب وأي اتجاه للإدارة الأمريكية لصالح العرب.
كما أنها تناهض اليهود المعادين لإسرائيل مثل جماعة ناطوري كارتا وجماعة جوش استريت، كما تعمل للتصدي للمواد الإعلامية المعادلة لإسرائيل سواء كانت في الصحافة أو التلفاز أو السينما أو في دور النشر، إذ نجدها ناصبت العداء والهجوم على فيلم (حنه.ك) الذي كان يعالج القضية الفلسطينية من منظور إنساني وقصة تاريخية قريبة للواقع، كما هاجمت فلم (نساء محاصرات) وكان يبرز حياة النساء الصعبة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وعلى ذكر مناصبة العداء للوسائل الإعلامية التي تهاجم إسرائيل فنجد أن روبرت مردوخ اليهودي الملياردير قد اشترى قنانتين تركيتين قائلا: سوف أقلب الرأي العام التركي لصالح دولة إسرائيل، كما أنه اشترى ثلاثة قنوات عربية من أجل الهدف نفسه، ونحن تاركين لهم المجال في جميع أنحاء العالم دون أن نعرض مشكلتنا معهم، كما هي في الحقيقة دون كذب أو تدليس كما هم يفعلون.
كما تعمل جاهدة على تبرير تصرفات دولة إسرائيل الإرهابية ضد اللبنانيين والفلسطينيين وتحاول جاهدة بأن تقنع الرأي العام الأمريكي أن هذه الأعمال لصالح الولايات المتحدة، كما هو لصالح إسرائيل، كما تقوم بالتجسس على جميع الأعمال التي تساعد الفلسطينيين في الولايات المتحدة ضد إسرائيل لتعمل على إيقافها، وقد نجحت في ذلك وذلك عن طريق مكاتبها المنتشرة في الولايات المتحدة، كما تزود بالمعلومات للموساد الإسرائيلي و F.B.Iالأمريكي. وهي مسجلة كمنظمة دينية معفاة من الضرائب ولها مكاتب في القدس وباريس.
11) نوادي هلايل Hillel Foundation وهذه المنظمة هي الأخرى تابعة لبناي برث السالف ذكرها في مقالات سابقة، وهدف تأسيسها هو استقطاب الشباب اليهودي والمسيحي داخل الجامعات لتأصيل الصهيونية وحبها في نفوسهم في طليعة حياتهم، كما أنها تهدف إلى غرس الدين اليهودي في نفوس الشباب اليهود، وهي عادة مايكون لها مدير في كل جامعة من جامعات الولايات المتحدة يتقاضى راتبه من إدارة النادي ويلتف حوله طلبة يهود وغير يهود ليساعدوه في مهمته، وهي تعمل جاهدة لتذكير الرأي العام الأمريكي بالمحرقة النازية لليهود، كما تساعد الشباب في الهجرة إلى فلسطين المحتلة.
12) عصبة الصداقة الإسرائيلية الأمريكية: تأسست هذه العصبة في سنة 1971 وهي معفاة من الضرائب أيضا ومن أهم أهدافها هو تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة ودولة إسرائيل، وذلك عن طريق إقامة الرحلات المتبادلة بين الشباب الأمريكي والشباب اليهودي في دولة إسرائيل، كما تقوم أيضا بتبادل الكتاب والمفكرين والعلماء والفنانين والرياضيين بين الدولتين، كما تنظم برامج ثقافية متبادلة يشترك فيها علماء من الطرفين، كما تجتذب الشباب في الولايات المتحدة من أصول لاتينية لكسب تأييدهم لدولة إسرائيل.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
سامي زين العابدين حماد
فاكس 8266752
كيف تحكم أمريكا – الحلقة (53)
إن الباحث والدارس للجمعيات والمنظمات اليهودية في الولايات المتحدة يجد أمامه عددا كبيرا منها يصعب الإلمام بجميعها من كثرة عددها وتفرعها وتشعبها، من هنا ندرك كيف وأن سياسة الولايات المتحدة لاتكون في يوم من الأيام والحالة هذه في إنصاف العرب والفلسطينيين، والمشكلة أمامنا الآن غزة محاصرة أكثر من ثلاث سنوات، وتعرض الأطفال والشيوخ إلى مهالك يصعب وصفها ويطول ذلك، وكنا نأمل أن الدماء الزكية التي سفكت في أسطول الحرية تكون سببا في إنهاء الحصار، إلا أن النقاش الدائر بين كبار الساسة في العالم قد خيب الآمال، بالرغم من أن معظم شعوب العالم الحرة تنادي بفك الحصار، ونجد أن الساسة يقرون باستمرار الحصار وذلك لأن حماس تضرب المستوطنات اليهودية بالصواريخ، فيحرمون على الشعب المحتل أرضه والمشتت في جميع أنحاء العالم والذي يدافع عن أرضه وعرضه وماله، يحرمون عليه المقاومة ويحرصون على حياة مواطني المحتل الإسرائيلي والذي لايوجد لمواطنيه أي انتماء إلى فلسطين، لأنهم جمعوا وأتي بهم من جميع بلدان العالم، وطرد الشعب الفلسطيني صاحب الأرض من أرضه ويريدون منه أن يرفع الراية البيضاء ليكملوا ترحيل البقية الباقية من هذا الشعب المظلوم.
فحينما احتلت فرنسا من قبل النازيين نجد أن معظم دول أوربا ساعدت فرنسا في مقاومة المحتل، واعتبر الجنرال ديغول من الأبطال الذين ساهموا في تحرير فرنسا من المحتل، في حين أن الفصائل الفلسطينية المتبنية مبدأ المقاومة نجد أن حكومة الولايات المتحدة وضعتها في قائمة الإرهابيين، فأي شخص أو فصيل يقاوم من أجل تحرير أرضه ووطنه من المحتل الغازي الأجنبي يعتبر في نظر العالم الغربي إرهابيا، وحتى الذي يساعد المجاهدين والمقاومين يلاقي عداء قويا من العالم الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية ودول العالم الكبرى الخمس، فهذا مثل إيران أمامنا سبب معاداة الغرب لها، هو مساعدتها للمقاومة في فلسطين ولبنان لا من أحل برنامجها النووي، لأن برنامجها النووي مراقب من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وشرحنا في مقال سابق أن الإسلام يحرم استعمال القنابل النووية في الحرب، من هنا ندرك أن العالم الغربي غير منصف وأنه ظالم يريد أن يمنعنا من المقاومة ومقدساتنا وأهلنا في القدس وفي فلسطين يهجرون قسرا وتهدم منازلهم ويطردون منها ويقيمون مكانها مستوطنات لليهود، وأي دولة إسلامية تريد مساعدتهم تلاقي عداء سافرا من قبل الدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا راجع إلى كره الغرب للإسلام والمسلمين، بالإضافة إلى تغلغل الجمعيات والمنظمات اليهودية الصهيونية في الولايات المتحدة وفي العالم الغربي.
فطالما أن البحث يشمل الولايات المتحدة فإني سوف أبرز فيما يلي المنظمات والجمعيات الهامة اليهودية والصهيونية إضافة إلى ماشرح سابقا وهي كالتالي:
13) المجلس الاستشاري القومي لعلاقات الجماعة اليهودية: ويرجع تأسيسه إلى عام 1944 ليكون جهة منسقة لمجالس العلاقات لإحدى عشرة منظمة يهودية أمريكية على المستوى القومي و 108 مجلس على المستوى المحلي، وقد أسست هذه المجالس في الثلاثينيات من أجل الدفاع عن الأقليات اليهودية ومساعدتهم في التعليم، وهو يقوم بدور فعال للتنسيق وتحديد الاختصاصات لدى المنظمات السالف ذكرها بالقضايا السياسية وعلى الأخص تجاه دولة إسرائيل وتجاه الجاليات اليهودية في الولايات المتحدة وله دور فعال كجماعة ضغط لدى الكونغرس والمحاكم الفدرالية لصالح دولة إسرائيل والجاليات اليهودية في الولايات المتحدة.
14) مجلس الاتحادات اليهودية وصناديق خدمات الرفاه الاجتماعي: يرجع تأسيسه إلى عام 1932 وكان هدفه هو تنسيق نشاط 200 اتحاد يهودي والذي يخدم 800 تجمع يهودي في الولايات المتحدة وكندا، ويقوم بجمع التبرعات لتقديم خدمات خيرية واجتماعية للجماعات اليهودية في الولايات المتحدة وبعد قيام دولة إسرائيل سنة 1948 أضحى يمتد نشاطه ليخدم دولة إسرائيل ويقدم لها الحظ الأوفر من المبالغ المتجمعة لديه من التبرعات التي يجمعه من اليهود وغير اليهود في الولايات المتحدة.
15) المجلس اليهودي الوطني لخدمات الرفاه الاجتماعي: ويرجع تأسيسه لعام 1917 ويهدف إلى تنسيق أنشطة المراكز الاجتماعية اليهودية في أنحاء الولايات المتحدة ويتركز نشاطه في جمع التبرعات وإعانة اليهودي الملتحقين بالجيش الأمريكي وبعد قيام دولة إسرائيل امتد نشاطه إلى مساعدة جنود الجيش الإسرائيلي.
16) المؤتمر اليهودي الأمريكي: يرجع تأسيسه إلى عام 1918 ويهدف إلى مساعدة الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة ودولة إسرائيل وهو يهدف أيضا إلى نشر الصهيونية ومبادئها بين اليهود وغير اليهود، ومعظم أعضائه هم من المهاجرين اليهود الذين أتوا من شرق أوربا ويبذل جهدا كبيرا في الدفاع عن الجاليات اليهودية وخاصة مايطلقون عليه اليهود بمعاداة السامية.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
سامي زين العابدين حماد
فاكس 8266752
كيف تحكم أمريكا – الحلقة (54)
رأينا في الحلقة الماضية أن كل اتحاد وجماعة سالف ذكرها تضم عددا كبيرا من الاتحادات والمجالس اليهودية ولعدم الإطالة فقد أصبحت أذكر كل جماعة باختصار شديد حتى لايمل القارئ من كثرة هذه الجماعات، ورأينا في حلقات سابقة أنه لما تطلب الأمر أن يدخل الإعلام الصهيوني داخل تركيا ودول الشرق الأوسط قام الملياردير روبرت مردوخ بشراء قنوات تركية وعربية من أجل إمالة الرأي العام التركي، والعربي لصالح دولة إسرائيل، في حين أن رجال الأعمال لدينا يقومون بعمل قنوات تلفازية غنائية راقصة ماجنة من أجل إفساد الشباب وانحرافهم، وكان من الأولى أن يقوموا بشراء قنوات فضائية في الولايات المتحدة غرب أوربا من أجل عرض قضايانا العادلة حتى يفهم الرأي العام الأمريكي مانواجهه من مشاكل وأخطار دولة إسرائيل، التي لاتجد في دستورها حدودا واضحة لدولتها، ذلك لأنها تريد الاستيلاء على مزيد من الأراضي وطرد سكانها أو ذبحهم كي تتخلص من العرب والمسلمين أصحاب الأرض الحقيقيين لتحل محلهم يهود ويجمعونهم من جميع أصقاع الأرض. فالمسألة مسألة حياة أو موت وكرامة وعزة فكيف نترك لعدونا الميدان خاليا دون أن نواجهه بالحقائق التي تبطل أكاذيبه وافتراءاته على العرب والمسلمين، حتى نكسب الرأي العام العالمي ويكون وسيلة في الضغط على حكوماته، وبهذا نستطيع التأثير على اتجاه السياسات الخارجية في الولايات المتحدة ودول غرب أوربا، بالإضافة إلى وجوب اتحادنا كعالم إسلامي واحد.
وحينما نواصل الكلام عن الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة نجد التالي:
17) المؤتمر اليهودي الأمريكي: يرجع تأسيسه إلى عام 1918 وكان يهدف في بادئ الأمر إلى مساعدة الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة عقب مؤتمر السلام بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، وقد كان أعضاؤه يتألفون من الجماعات اليهودية المهاجرة من شرق أوربا، وكانت اعتقاداتهم صهيونية تخالف مؤسسي اللجنة اليهودية الأمريكية وقياداتها من أصول ألمانية حيث كانت اتجاهاتهم ضد الصهيونية وظلت هذه اللجنة تساهم مساهمة فعالة في مساعدة الصهيونية وعلى الأخص دولة إسرائيل، كما كان لها دول فعال ضد الجماعات التي تعادي اليهود.
18) عصبة مناهضة الافتراء: وهذه إحدى منظمات بناي برث السالف ذكرها، وقد أسست عام 1913 من أجل مساعدة بناي برث في محاربة الجماعات المعادية لليهود والصهيونية، كما أن لها دور فعال في مساعدة دولة إسرائيل.
19) النداء اليهودي الموحد: ويرجع تأسيسها إلى عام 1929 وتهدف إلى جمع التبرعات وتدبير الموارد المالية داخل الجماعات اليهودية في الولايات المتحدة، ومعظم هذه التبرعات تذهب إلى دولة إسرائيل حيث تصل إلى أكثر من 80% من مجموع ماتجمعه من تبرعات.
كما توجد منظمات أخرى مثل حركة الشبيبة وتقوم بتنظيم المعابد اليهودية، ومجلس الشباب اليهودي في أمريكا الشمالية، ومؤسسة الشباب الصهيوني الأمريكي، وشبكة الطلاب اليهود لأمريكا الشمالية، وهذه تعتبر الممثل الرسمي للطلبة الأمريكيين اليهود لدى الاتحاد العالمي للطلبة اليهود، والمجلس القومي لشباب السيناجوج، ومنظمة بناي بريث للشباب وهي تقوم برعاية الطلبة اليهود من خلال منظمة هلايل والتي لها فروع في جميع الجامعات الأمريكية.
هذا ولم يعرف بالتدقيق عدد المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة إلا أن صحيفة جون افريك ذكرت أن عدد المنظمات اليهودية العاملة في الولايات المتحدة بلغ 281 منظمة يهودية و 250 اتحادا إقليميا، أما صحيفة جيروزلم بوست الصهيونية فذكرت أن لليهود 900 جمعية يهودية في الولايات المتحدة.
وقد عرفت دائرة المعارف البريطانية كلمة اللوبي Lobby بأنها: (مجموعة من العملاء والنشطاء الذين لهم مصالح خاصة يمارسون الضغوط على الموظفين الرسميين وذلك للتأثير عليهم أثناء ممارسة عملهم) واللوبي يشمل المنظمات والمؤسسات اليهودية في الولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى إلى السيطرة على صانع القرار الأمريكي من أجل اتخاذ قرارات مؤيدة لإسرائيل بصفة عامة ومصالح اليهود بصفة خاصة.
وهنا يتساءل الفرد منا: أين نشاط العرب والمسلمين في الولايات المتحدة الذين لايقل عددهم عن عدد اليهود، بل قد يتجاوز عن عدد اليهود، ولكن أتاني الجواب حينما شاهدت برنامج الاتجاه المعاكس عبر قناة الجزيرة الفضائية بتاريخ 3/7/1431هـ حينما استمعت إلى مواطن عربي أمريكي يرجع أصله إلى جمهورية مصر العربية فكان يدافع عن دولة إسرائيل أكثر من الإسرائيليين أنفسهم.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
سامي زين العابدين حماد
فاكس 8266752
كيف تحكم أمريكا – الحلقة (55)
لمسنا في الحلقات الماضية مدى ضخامة اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة واكتفيت بذكر عددها، إذ قلت إنه بلغ تسعمائة منظمة، وحتى لايمل القارئ من ذكر كل منظمة على حده اكتفيت بذكر بعض منها ومن هنا ندرك مدى ضخامة تأثير اللوبي الصهيوني على الرئيس الأمريكي وعلى أعضاء الكونغرس وعلى بقية أعضاء الإدارة الأمريكية، حتى أضحت الولايات المتحدة هي دولة إسرائيل، ودولة إسرائيل هي الولايات المتحدة، الأمر الذي أكسبها كره العالم العربي والإسلامي، وأصبحت هي العدو الأكبر لدى شعوب المنطقة، ذلك لأن إسرائيل تبطش وتقتل في الفلسطينيين ومواطني دول الطوق، والولايات المتحدة تؤيدها في ذلك إذ نجد أن الكابت الأمريكي روبرت وليامز قال في كتابه الذي منع من النشر، إذ كان موضوع الكتاب الصراع العربي الإسرائيلي، حيث جاء فيه: (إن اليهود سيطروا على جميع مرافق الحياة في أمريكا مثل بيوت المال والشركات الصناعية والصحافة، وقد بلغ عدد الصحف التي يمتلكونها حوالي 3000 صحيفة يومية وأسبوعية وشهرية وجميعها تعمل لصالح دولة إسرائيل، كما أننا نجد الكاتب دوغلاس ريد يقول في كتابه الذي أطلق عليه اسم (في مكان ما جنوب السور): (إن رؤساء أمريكا ينحنون أمام الصهيونية كما لو كانوا ينحنون أمام ضريح له قداسة)، وله آخر أطلق عليه اسم (الستار الحديدي حول أمريكا) يقول فيه: (إن الأقلية اليهودية قد بلغت من القوة والجرأة لدرجة تهدد أمريكا بالخطر الداهم وبإثارة حرب عالمية ثالثة متى أرادت ذلك).
وعلى ذكر إقامة حرب عالمية ثالثة فإني أنبه جميع المسؤولين في الدول العربية والإسلامية إلى خطورة السلاح النووي الإسرائيلي بأن يطالبوا بشدة بنزع سلاحها النووي، كما هي تطالب بوقف النشاط النووي السلمي الإيراني، إذ نجد أن العالم الغربي يحاسب إيران على الشكوك والظنون في حين أنهم كانوا يغطون ويحمون إسرائيل على إبقاء سلاحها النووي التي تهددنا به بين الفينة والأخرى، إذ كانت تريد استعماله ضد دولة جمهورية مصر العربية في حرب عام 1973 وكانت طائراتها قد شحنت بالسلاح النووي لضرب السد العالي، وكانت أيضا تريد ضرب العراق نوويا إلا أن الولايات المتحدة زودتها بصواريخ باتريوت لحمايتها من صواريخ صدام، كما أنها تهدد الآن هي والولايات المتحدة بضرب إيران بالسلاح النووي، وهذا يدفعنا إلى تشديد المطالبة بنزع سلاح إسرائيل النووي لتكون منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي.
وحينما نعود إلى تاريخ هجرة اليهود إلى الولايات المتحدة نجد أن أول هجرة كانت في عام 1654 حينما هاجر 23 من يهود البرازيل إلى ميناء نيو أمستردام (الذي هو نيويورك حاليا) كما استمرت الهجرة اليهودية إلى الولايات المتحدة حتى بلغ عددهم في عام 1790 إلى 3000 نسمة، وقد أطلق على هذه الهجرة اسم الهجرة الأولى وقد استمر المهاجرون اليهود في الهجرة إلى الولايات المتحدة لمدة نصف قرن من عام 1830 إلى 1880 إذ بلغ عددهم من جراء هذ الهجرة 250 ألف يهودي، إذ استطاعوا السيطرة على تجاره الملبوسات كما أنهم احتكروا صناعة المأكولات المجففة وبالتالي أصبحوا المسيطرين على تسويقها في الولايات المتحدة.
وبعد اغتيال قيصر روسيا من قبل اليهود هاجر عدد كبير من اليهود الروس إلى الولايات المتحدة وكان ذلك بين عام 1881 و 1910 إذ بلغ عددهم بعد تلك الهجرة إلى مليون ونصف مليون يهودي، كان معظم وجودهم في نيويورك حيث أضحت معقلا حصينا لهم، وأطلق على هذه الهجرة بالهجرة الثالثة.
ونجد أن الهجرة الرابعة لليهود قد تمت في الفترة مابين الحربين العالميتين الأولى والثانية وأطلق على هذه الهجرة بالهجرة الرابعة، وقد بلغ عددهم في عام 1928 حوالي 3 ملايين نسمة، ارتفع إلى 4 ملايين و 200 ألف نسمة عام 1941 ونجد أن مركز الصهيونية تحول من نيويورك إلى واشنطن بعد أن تختلت بريطانيا عن استعمار الولايات المتحدة، وكانت بريطانيا قد أعطت وعدا لهم عن طريق رئيس وزرائها بلفور الماسوني بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وكان في تلك الفترة فرانكلين روزفلت رئيسا للولايات المتحدة حيث وقع بين قوتين متعارضتين هي الدول العربية حيث بدأ ظهور النفط فيها والتي كانت الولايات المتحدة وشركات بترولها في أمس الحاجة إليه، ومابين اللوبي اليهودي المتعاظم في الولايات المتحدة وقد ذكرنا قصة اعتراف الولايات المتحدة بدولة إسرائيل في الحلقات الماضية.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
سامي زين العابدين حماد
فاكس 8266752
كيف تحكم أمريكا – الحلقة (56)
لمسنا في الحلقة الماضية كيف وأن اليهود في الولايات المتحدة لايهينون الأمريكيين من أصول أوربية فحسب، بل استطاعوا أن يهينوا بعض الأمريكيين من أصول عربية، حيث استمعت إلى شخص ذكرته في الحلقة قبل الماضية ويدعى مجدي خليل إذ قال في أثناء حديثه: (إن الإسلاميين أعداء لأنفسهم وإن تركيا بتصرفاتها تجاه إسرائيل تضرب الحكومة التركية)، وكان جل كلامه دفاعا عن اليهود، حتى أنه اتهم المنظمة التي قامت بتنظيم أسطول الحرية بأنها منظمة إرهابية، وهو كالببغاء يردد مايقوله أسياده الصهاينة، كما أن هناك شخص آخر وهو مصري ويقطن في القاهرة ويدعى نبيل شرف الدين يظهر بين الفينة والأخرى في برنامج الاتجاه المعاكس نجده يهاجم مهاجمة عنيفة الفصائل المقاومة في غزة ولبنان وكأنه يريد منا أن نرفع الراية البيضاء أمام اليهود، يتصرفون تجاهنا كقطعان الماشية لانحرك ساكنا أمام الجيش الإسرائيلي، في حين لأول مرة في التاريخ يحارب الفلسطينيون جيش إسرائيل الذي لايقهر كما يدعون ويصمدون أمامه أكثر من عشرين يوما ولم يستطع تحقيق الأهداف التي أقام الحرب من أجلها وكذا الحال في لبنان، ويتهم المقاومين بأنهم فصائل غير حكومية ويطالب بانضمامهم إلى جيوش دولهم ونسي بأن حماس هي الحاكمة لغزة كما نسي بأننا جربنا محاربة الجيوش العربية أمام جيش إسرائيل وخاصة في عام 1967 حيث خدع العرب من قبل الاتحاد السوفيتي سابقا بأن لايضربوا هم الضربة الأولى وكانوا يطلبون التريث في الهجوم على إسرائيل الأمر الذي جعل إسرائيل تضرب الضربة الأولى حيث استطاعت القضاء على أسطول الطيران المصري في الست ساعات الأولى وبقي الجيش المصري في سيناء مكشوفا أمام الطيران الإسرائيلي وقد استطاع الطيران أن يضرب الجيش المصري من الجو، لذا فإن المحاربين المصريين لم يواجهوا الجيش الإسرائيلي وبهذا استطاع اليهود أن يقضوا على معظم دبابات ومعدات الجيش المصري في سيناء، ولو كانت الضرب الأولى للعرب والمصريين لما استطاع اليهود أن ينتصروا في حرب 1967 ذلك لأن الله قال فيهم (لايقاتلونكم جميعا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لايعقلون) الحشر: الآية (14).
وقد ثبت ذلك في حربهم في غزة ولبنان، ذلك لأن الدول العربية لاتستطيع تصنيع طائرات مقاتلة وأنها تستطيع الحصول عليها من الغرب أو الشرق كما يعلم الجميع أن الصهاينة لهم نفوذ قوي في تلك الدول ويستطيعون التأثير على مجرى الحرب أثناء قيامها وقد ثبت ذلك في عام 1967 في حين أن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى أن جنود أرض مصر من خير أجناد الأرض. ولو تواجهوا مع الجنود الإسرائيليين وجها لوجه دون تدخل الطيران الإسرائيلي لاستطاعوا أن يهزموا الجيش الإسرائيلي، من هنا أدركت فصائل المقاومة أن لاسبيل لردع الجيش الإسرائيلي ومنعه من الاستيلاء على مزيد من الأراضي إلا بحرب العصابات، كما لمسنا نتائجها في لبنان عام 2006 حيث انسحب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان: ما حققته المقاومة في العراق انتصارا على الجيوش الأمريكية والأوربية بهذه الوسيلة وأجبرتهم على عقد اتفاقية مع الحكومة العراقية بالانسحاب من العراق، ونرى الآن كيف وأن هأمريكا وحلف الناتوا يعانون الأمرين من حرب العصابات في أفغانستان، وكما يقول المثل العربي العامي (الذي تغلب به العب به).
وكذلك أرى مقالات في بعض الصحف الخليجية بأن بعضا من الكتاب يدافعون عن تصرفات إسرائيل تجاه أسطول الحرية ويرددون أكثر مما يرددون الصهاينة في وسائل إعلامهم وللأسف الشديد أرى بعضا من الكتاب العرب والمفكرين أن يدافعوا عن إسرائيل أكثر من الإسرائيليين أنفسهم في حين أن أمامهم شعب بأكمله يعاني معاناة شديدة في وطنه بصورة لم نشهد لها مثلا في جميع أنحاء العالم، والأشد مرارة من ذلك أن نجد أفرادا من بني جلدته ناطقين بلغتهم أن يساهم في مساعدة العصابة الصهيونية في قهر وقتل وإبعاد عرب من بني جلدتهم، فماذا نستطيع القول عن هذه الفئة من الكتاب والمثقفين؟ وأترك تسمية هذه الفئة إلى القراء الكرام.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
سامي زين العابدين حماد
فاكس 8266752
كيف تحكم أمريكا – الحلقة (57)
تعرفنا فيما سبق من حلقات عن نوادي الصهيونية والماسونية، وكذلك عن المنظمات الصهيونية التي تعمل في الولايات المتحدة كجماعات ضاغطة على الإدارات الأمريكية، وكجماعات ومنظمات تجمع التبرعات لمساعدة دولة إسرائيل، وإلى تشجيع المهاجرين إليها من اليهود في جميع أنحاء العالم، وتعمل على إبعاد الفلسطينيين من وطنهم، وتضييق الخناق عليهم ومحاصرتهم، الأمر الذي جعلهم يعيشون في ضائقة كبيرة من العيش، بل الأمر لم يقف عند نشاط تكوين المنظمات اليهودية والنوادي التي تعمل على صهينة المسلمين وغير المسلمين في جميع أنحاء العالم، بل إن جهدهم انصب على صهينة كبار المسئولين في الولايات المتحدة، حيث جعلوا من الدين المسيحي طريقا إلى صهينة المسيحيين، وأفضل كتابين ظهرا في الولايات المتحدة هما كتابي المؤلفة (جريس هلس) التي كتبت كتابا بعنوان (النبوءة والسياسة) والآخر بعنوان (يد الله) حيث شرحت فيهما خطورة هذ الحركة، مما أثار رد فعل كبير في الولايات المتحدة، الأمر الذي جعل الصهاينة يحاربونها بشتى الوسائل، وكانت نسخ الكتاب تختفي من السوق بصورة سريعة، خاصة وأن كتابها الأول قد أبرز فضائح وخطورة المسيحية الصهيونية من داخل الولايات المتحدة، ذلك لأن المؤلفة كانت من أتباع هذه الحركة، وأحبت أن تفضح خطورة هذه الحركة للعالم الخارجي، حيث ذكرت المؤلفة أن أساس الفكر المسيحي والذي ترجع نظريته إلى القديس أوغسطين ترتكز على ثلاثة مبادئ هي:
1 – أن الأمة اليهودية انتهت بمجيء المسيح.
2 - أن الله طرد اليهود من فلسطين عقابا لهم على صلب المسيح.
3 – أن النبوءات التي تتحدث عن عودة اليهود قد تحققت بعودتهم من بابل على يد الإمبراطور (قورش)، وأن هذه الأمور قد انتهت.
وعلى هذا الأساس يرتكز الفكر المسيحي إلا أنه في عام 1607 نشر لاهوتي يهودي في بريطانيا اسمه (توماس برايتمان) كتابا أطلق عليها اسم (أبو كالبسيس أبو كالبسيس) إذ ذكر فيه أن الله يريد عودة اليهود إلى فلسطين لكي يعبدوه من هناك، ذلك لأن الله يحب أن يعبد من فلسطين، وفي تلك الفترة كان اليهود يعانون من اضطهاد ديني في أوربا الشرقية، وروسيا القيصرية، الأمر الذي اضطرهم إلى الهجرة إلى أوربا الغربية، وعندما ظهرت هذه النظرية استحسنها اللاهوتيين من المسيحيين وقالوا بدلا من أن يهاجروا إلى أوربا الغربية ندفعهم إلى فلسطين، حيث أصبحت هناك مدرسة تنادي بهذه النظرية إذ نجد أنه في عام 1649 ظهر لاهوتيان بريطانيان كانا يعيشان في هولندا طلبا من الحكومة البريطانية في رسالة موجهة إليها طالبين منها أن يكون لبريطانيا شرف نقل اليهود على البواخر البريطانية إلى فلسطين، وذلك من أجل تحقيق الرغبة الإلهية في عودتهم إلى فلسطين، وترتكز حركة المسيحية الصهيونية على الفكر التالي: إن للمسيح عودة ثانية ولا يمكنها أن تتم إلا بعودة اليهود إلى فلسطين، حيث إن المسيح لن يعود إلا على مجتمع يهودي وأن تتم عودته على جبل صهيون قريبا من بيت المقدس، ولتسهيل العودة الثانية للمسيح فإنه يجب العمل على عودة اليهود إلى فلسطين، إلا أن هذه النظرية لقيت تطورا من قبل اللاهوتي (سايلس سكوفلد) حيث شرحها في الإنجيل المسمى باسمه، والذي وضعه عام 1903 ويعتبر المرجع الرئيسي لهذه الطائفة، وقد أخذ سكوفلد هذه الأفكار من لاهوتي إيرلندي جاء إلى الولايات المتحدة في أوائل القرن التاسع عشر ويدعي (نيلسون ديربي) وتتلخص هذه النظرية بأن لله مملكتين، مملكة على الأرض وهي إسرائيل، ومملكة في السماء وهي الكنيسة، وبهذا فعلى كل مسيحي يجب أن يعمل على تحقيق مملكة الله في الأرض، وقد عرفت هذه الحركة منذ انطلاقتها بالمسيحية الصهيونية، ذلك لأنها تعمل على إقامة صهيون وتشجيع قيام دولة إسرائيل في فلسطين، ونظرا لأن الشعب الأمريكي يميل معظمه إلى التدين، وذلك حسب الإحصائيات التي نشرتها مجلة (الايكو نومست) حيث ذكرت أن 14% من الأوربيين الغربيين يذهبون إلى الكنيسة مرة في الأسبوع و 12% من المسيحيين في أوربا الشرقية و 47% في أمريكا، لذا فقد لاقت هذه النظرية قبولا لدى كثير من الأمريكيين.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
سامي زين العابدين حماد
فاكس 8266752
كيف تحكم أمريكا – الحلقة (58)
رأينا في الحلقة السابقة كيف وأن اليهود استطاعوا أن يؤصلوا في العقيدة المسيحية بأن للمسيح عودة ثانية، ولا تتم هذه العودة إلا في مجتمع يهودي يقطن فلسطين، وأن يتم نزول المسيح على جبل صهيون، وعلى كل مسيحي يجب أن يعمل على قيام هذه الدولة لكي تتم عودة المسيح، انظر ياأخي كيف وأن اليهود يعملون بشتى الوسائل لقيام دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات، فهم لم يكتفوا بنشر النوادي الماسونية والصهيونية في العالم وعلى الأخص في دول المحور، ورأيناهم كيف يقيمون المنظمات من أجل الضغط على الإدارات الأمريكية وعلى حكومات الدول الغربية، وتعمل هذه المنظمات بشتى الوسائل لمساعدة دولة إسرائيل، كما أنهم عملوا جاهدين إلى صهينة المسيحيين وعلى الأخص كبار الساسة والمفكرين وأعضاء مجلس النواب والكونغرس، حتى بلغ في اعتقاد كبار السياسيين منهم أمثال رئيس الولايات المتحدة وأخص بالذكر منهم ريغان، حيث قال (أتمنى أن أضغط على ذر وبموجبه تتم عودة المسيح الثانية) وهذه الطائفة تهتم اهتماما كبيرا بسياسة الشرق الأوسط حتى أننا نجد في أيام ريغان بأن (بات روبرتسون) والذي يعتبر من أهم قادة هذه الحركة يحضر اجتماعات مجلس الأمن القومي الأمريكي لكي تأتي قرارات هذا المجلس متوافقة مع النبوءات الدينية المتعلقة بفلسطين ودول المحور المحيط بها، ونجد هذا مذكورا في كتاب السيدة جريس هلس السالف ذكره (النبوة والسياسة) وكما أسلفت سابقا فإن عهدي الرئيس ايزنهاور والرئيس كيندي قد وليا دون رجعة، ذلك لأن اللوبيات الصهيونية استطاعت أن تسيطر على معظم مراكز القرارات المهمة، أضف إلى ذلك صهينة كبار الساسة كريغان وبوش الابن، وجيري فولويل ودكشيني نائب الرئيس مستشار بوش الابن الأقرب، وكذلك وزير العدل في حكومة بوش الابن كان من أشدهم تمسكا بالصهيونية المسيحية حتى أنه كان يقيم قداسا يوميا في مكتبه قبل أن يبدأ عمله، كما أن كاتب خطابات الرئيس بوش ويدعى (مايكل جارنسون) من هذه الطائفة، لذلك تجد في خطاباته بعض العبارات الدينية مثل عبارة محور الشيطان ومحور الشر، ذلك لأن في المعتقد الديني عندهم كل من هو ضد إسرائيل هو في محور الشر، وكل من هو مع إسرائيل فهو في محور الخير، وأيضا من العبارات المستخدمة لديهم هي عبارة العدالة المطلقة، ويعتقدون أن العدالة المطلقة لاتتم إلا بعودة المسيح الثانية، لذا نجدهم يعتبرون الاستيلاء على العراق هو من العدالة المطلقة، ذلك لأنهم يعتقدون أن عودة المسيح تتم إذا قامت دولة إسرائيل العظمى من النيل إلى الفرات، وأن الاستيلاء على العراق سوف يسهل قيام دولة إسرائيل العظمى، وأن مساعدة إسرائيل لاتخضع لظروف اقتصادية أو سياسية وإنما هي واجب عقائدي يجب تنفيذه، وذلك تنفيذا لتعاليم الإله.
ومن أجل هذا نجد أن صاحب القرار الأمريكي مضطرا أن يتجاوز المصالح الأمريكية عندما يتخذ قرارا يتعلق بأمن إسرائيل أو مستقبل إسرائيل أو بصراع إسرائيل مع الدول العربية.
من أجل هذا خاضت الولايات المتحدة في عهد بوش حروبا في الشرق الأوسط كلفت الاقتصاد الأمريكي أكثر من ثلاثة ترليون دولار، الأمر الذي سبب الأزمة الاقتصادية للولايات المتحدة، والتي كانت نتيجتها إقفال أكثر من 200 بنك، وقد شهدت الولايات المتحدة إشهار وإفلاس عدد كبير من الشركات لم يشهد لها مثيل في تاريخ الولايات المتحدة، وقد بلغت نسبة البطالة أكثر من 13% من السكان، إضافة إلى فقدان الكثير لمنازلهم وسكناهم في الخيام، ولقد حاول الرئيس أوباما إصلاح الوضع الاقتصادي وذلك بإصداره تشريعات جديدة تفرض رقابة شديدة على البنوك إلا أن لوبي (وول ستريت) قد عارض معارضة شديدة لهذه التشريعات الجديدة، حيث إنه نفذ تعاليم الاقتصاد الإسلامي الذي نادينا نحن بتطبيقه في مقالات سابقة، وأنا أقول ياسيادة الرئيس أوباما إن هذه التشريعات وحدها لاتكفي لأن أهم عنصر مسبب لهذه الأزمة الاقتصادية هو ظلمكم لشعوب الشرق الأوسط ومساعدتكم العمياء لإسرائيل، فإذا أردت أن تنهي أزمة بلادكم الاقتصادية فما عليكم إلا أن توقفوا حروبكم في أفغانستان وتسحبوا جنودكم منها، وتسحبوا جنودكم أيضا من العراق، وتوقفوا الاستيطان من قبل إسرائيل في القدس والضفة الغربية، وأن تعملوا على قيام دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، فالعدالة هي أهم عنصر يجب أن يتحقق كي يستعيد الاقتصاد الأمريكي عافيته، وبالتالي اقتصاد العالم.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
سامي زين العابدين حماد
فاكس 8266752
كيف تحكم أمريكا – الحلقة (59)
تكلمنا في الحلقتين الماضيتين عن المسيحية الصهيونية، وتعرفنا كيف وأن اليهود يعملون على قدم وساق في جميع الاتجاهات على مساعدة دولة إسرائيل، ذلك لأنهم وضعوا في العقيدة المسيحية أن لعودة المسيح ثلاثة مؤشرات، المؤشر الأول احتلال فلسطين في عام 1948 وتكوين دولة إسرائيل، المؤشر الثاني هو احتلال القدس في عام 1967 والمؤشر الثالث هو هدم بيت المقدس وبناء الهيكل المزعوم مكانه.
انظروا ياأمة القرآن كيف وأن اليهود استعانوا بالمسيحيين وجعلوهم صهاينة لكي يحققوا مايصبون إليه، في حين أننا متفرقون وديننا الحنيف يحتم علينا الاتحاد واللحمة بعضنا مع بعض، فهذا أمامنا خطر عظيم، وهو هدم بيت المقدس، إذ يعملون بشتى الوسائل لهدمه وقيام الهيكل المزعوم مكانه، حتى أن الشخص الذي أشعل النيران في المسجد الأقصى كان من هذه الطائفة وليس يهوديا، وهو استرالي الأصل، وهذه الطائفة تسعى جاهدة لنسف المسجد الأقصى حتى أنه كانت هناك مؤامرة لنسف بيت المقدس من قبل هذه الطائفة، إلا أن إسرائيل أوقفتها، وذلك يقينا منهم أن المسيح سوف ينزل في فلسطين، لأنه سوف تقوم معركة يطلقون عليها معركة هرمجدون، وهذه المعركة سوف يتم فيها قتل الملايين من البشر لأنها سوف تكون نووية وتقع في سهل مجدون بين ساحل عسقلان والقدس، وذلك لأن أعداء الله الذين هم العرب والمسلمون سوف يهجمون على إسرائيل، وبذلك تتم معركة كبيرة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، وبعد أن يقتل اليهودي ولم يبق منهم سوى 114 ألف يظهر المسيح في أرض المعركة، ويلتف حوله المؤمنون ويحكم الأرض لمدة ألف عام يطلقون عليها الألفية وفي هذه الفترة تتحقق العدالة المطلقة التي طالما وجدتها في خطابات بوش، ويعتقدون اعتقادا دينيا بأن هذه المعركة واقعة لامحالة لأنها من مشيئة الله ولا يهمهم عدد القتلى بقدر مايهمهم عودة المسيح، وكانوا يعتقدون بأن إشعال المعركة سوف تكون عن طريق مساعدة دكتاتور للعرب وكانوا يظنونه الاتحاد السوفيتي، ثم بعد ذلك قالوا صدام حسين، لذا عملوا على غزو العراق، ويرجع سبب غزو العراق الرئيسي لأطماعهم في البترول بقدر خوفهم من صدام حسين الذي سوف يقوم بالهجوم على إسرائيل والقضاء عليها، كما أنهم يعملون جاهدين في القضاء على العلماء في العراق ونراهم الآن يسلطون الأضواء على إيران خوفا من أنها تهاجم إسرائيل، وجعلوا من نشاط إيران النووي السلمي ذريعة لهم لمحاولتهم إقناع الحزب الديمقراطي الأمريكي بالهجوم على إيران، أو السماح لإسرائيل بضرب إيران، كما أنهم قضوا على فكرة إقامة مجمع لتصنيع السلاح في مصر (الهيئة العربية لتصنيع السلاح) ونجد أن آراء هذه الطائفة من المسيحيين الصهيونيين تتطابق وآراء الصهاينة اليهود، فمنذ عام 1988 وضعت خطة في البنتاغون لتقسيم العالم الإسلامي والعربي إلى دويلات متناحرة متفرقة حسب المذاهب والأعراق وأن اتفاقية (سايكس بيكو) والتي تم بموجبها تقسيم العالم العربي إلى دويلات من أجل إضعافها تعتبر أهون وأخف وطأة من هذه الخطة الجديدة، الأمر الذي يجعل مواطنوا هذه المنطقة يتباكون على اتفاقية سايكس بيكو، وقد نشرت هذه الخطة الموضوعة في البنتاغون حسب مجلة ايجونيم (الحقيقة) العبرية، كما ألقى شارون محاضرة في هذا المعنى، وهنا يجب أن نتوقف مليا لأن هذا الموضوع مهم، ويجب أن نضع له مشروعا يبطله، فاليهود منذ عام 1406 نادوا بالمطالبة بقيام دولة إسرائيل، وظلوا يعملون جاهدين حتى تحقق لهم مايصبون إليه، والآن وإن فشلوا في العراق وأفغانستان ولبنان وغزة فإنهم لم يسكتوا ولم ييأسوا، فإنهم سوف يعاودون الكرة مرة تلو أخرى حتى ينتهوا إلى تقسيم العالم العربي إلى دويلات متناحرة متفرقة، وتكون دولة إسرائيل هي المسيطرة، فهم الآن فشلوا في تقسيم العراق وكذلك أفغانستان إلا أن لدسائسهم ومكائدهم سوف يحاولون تقسيم السودان ولبنان والجزائر واليمن، ومن هذا المنطلق ونحن كأمة إسلامية يجب أن نضع حدودا لمؤامراتهم ومشروعا مضادا لمشروعهم وسوف أتكلم عن هذا المشروع تفصيليا في الحلقة القادمة بإذنه تعالى.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
سامي زين العابدين حماد
فاكس 8266752
كيف تحكم أمريكا – الحلقة (60)
رأينا في الحلقات الماضية كيف وأن اليهود صهينوا كبار الساسة الأمريكيين وكونوا طائفة من المسيحيين الصهاينة، ورأينا كيف وأن كبار الساسة الأمريكيين الصهاينة قد وضعوا خطة لتجزئة العالم العربي والإسلامي إلى دويلات متنافرة، وكنت قد وعدتكم في الحلقة السابقة أن أضع مشروعا مضادا لمشروع الساسة الأمريكيين الصهاينة، ولكن استجدت لدي معلومات عن السودان والعراق في صلب الموضوع وددت أن أوضحها وأرجأت المشروع المضاد إلى حلقة لاحقة.
وخير دليل على ذلك ماثل أمامنا الآن هو السودان والعراق، وسوف أتكلم في هذه الحلقة وما يليها من حلقات عن السودان، ثم أتبعها بعد ذلك بالعراق، إذ نجد أن وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي سابقا (أفردخاي) وفي محاضرة في 4 سبتمبر 2008 كان يتحدث عن أهداف إسرائيل في المنطقة وخصوصا في السودان والعراق، وحدد وقال باللفظ: (إن حلفاءنا أو أصدقاءنا في الجنوب قادرون على تنفيذ الأجندة الإسرائيلية). وقال أيضا: (إن السودان بموارده ومساحته الشاسعة وعدد سكانه يمكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لمصر والعراق والسعودية، والسودان يشكل عمقا استراتيجيا لمصر، وتجلى ذلك بعد حرب 1967 حيث تحول إلى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصري وللقوات البرية، وأرسل قواته إلى منطقة قناة السويس أثناء حرب الاستنزاف، وكان لابد أن نعمل على إضعافه وانتزاع المبادرة منه لبناء دولة قوية موحدة، وهذا ضروري لدعم وتقوية الأمن القومي الإسرائيلي فأقدمنا على إنتاج وتصعيد بؤرة (دار فور) لمنع السودان من إيجاد الوقت لتعظيم قدراته، إن إستراتيجيتنا التي ترجمت على أرض الجنوب سابقا وفي غربه حاليا نجحت في تغيير مجرى الأوضاع في السودان نحو التأزم والانقسام، وستنتهي عاجلا أم آجلا بتقسيمه إلى عدة كيانات ودول وكل الدلائل تشير إلى أن الجنوب في طريقه إلى الانفصال، هناك قوى دولية بزعامة أمريكا مصرة على التدخل في السودان لصالح استقلال الجنوب، وكذلك إقليم دار فور كما حصل في إقليم كوسوفو.
إن قدرا هاما وكبيرا من أهدافنا في السودان قد تحقق على الأقل في الجنوب وهذه الأهداف تكتسب الآن فرص التحقيق في دار فور).
رأينا كيف وأن وزير الأمن الإسرائيلي يتكلم عن وجوب تقسيم السودان وأذكر بأن (باراك) حينما تولى رئاسة الوزراء في إسرائيل وضعوا لاءات وألزموا جميع الحكومات المتتالية بعده بعدم الخروج عنها وتنفيذها وهي عدم قيام دولة فلسطينية، عدم عودة اللاجئين، عدم حرمان إسرائيل من المطالبة في الأنهار العربية، عدم امتلاك دولة عربية لسلاح نووي، عدم تحالف أو قيام أي كيان عربي قوي، ولتنفيذ هذه اللاءات أعلنوا خطة وآليات لتنفيذها، والتي تتلخص في قلقلة المنطقة وخلق عدم استقرار واستغلال عوامل عدم الاستقرار في عدد من الدول منها مصر على سبيل المثال بين المسلمين والأقباط والسودان شرق وغرب، وجنوب وشمال والعراق ولبنان.
وحينا نرجع إلى كتاب أحد رجال الموساد ويطلق عليه (موشيه فرجي) وكتابه بعنوان (إسرائيل وحركة تحرير جنوب السودان) وهو يحكي لنا القصة الكاملة لما قامت به إسرائيل في جنوب السودان، إذ يقسم تدخلها إلى خمس مراحل بدءا من خمسينات القرن الماضي والستينات والسبعينات مما أدى إلى ما آله إليه الوضع الآن وقد صدر هذا الكتاب في عام 2002 عن مركز (ديان) لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا التابع لجامعة تل أبيب، وهذا الكتاب يظهر لنا أن (ابن غوريون) أول رئيس وزراء لإسرائيل أمر أجهزة الأمن بالاتصال بزعامات الأقليات في العراق والسودان وإقامة علاقات معها، كما أقامت إسرائيل محطات اتصال في كل من أثيوبيا، ويوغندا، وكينيا، والكونغو، والعمل على تكوين جيش في الجنوب سيكون قويا وكبيرا، وتتعهد إسرائيل بتدريبه وتسليحه لكي يكون تأثيره قويا بدرجة يمكن التأثير به على مصر وتطويقها من الجنوب.
كما نجد أن (ارك يارد) والكاتب في مجلة Arabies والمهتم بالشئون الأفريقية أشار إلى أن دولة إسرائيل عملت جاهدة لإقامة علاقات مع الدول المجاورة للدول العربية لتطويقها إذ نجدها أقامت علاقة مع تركيا كمال أتاتورك ومع إيران الشاه، ومع أثيوبيا القريبة من السودان، حيث ساعد هذا الاتصال التمرد في جنوب السودان، كما أ،ها أقامت علاقة اقتصادية وعسكرية وأمنية مع كل من يوغندا وزائير وكينيا من أجل خلق مناطق يمكنها أن تصلها بجنوب السودان، وكانت هذه بمثابة اللبنة الأولى لمساعدة التمرد في جنوب السودان، إذ منذ عام 1950 بدأت بدعم حركة (أنانيا) ثم بعد ذلك بدعم من جيش تحرير السودان بقيادة جون غرنق.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
سامي زين العابدين حماد
Sami-hammad@windowslive.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق