الأحد، 17 يونيو 2012

الربيع العربي قادم وإلى الربيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى (31)



الربيع العربي قادم وإلى الربيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى (31)

لقد لمس القارئ مني إنني رحّبت بثورات الربيع العربي في كل من تونس وليبيا ومصر وسوريا واليمن ذلك لأن حكومات تلك الدول كانت تحارب الإسلام وتضطهد الإسلاميين فيه , وقد تطرقت إلى ذلك في المقالات السابقة ونحن أمة قد أعزها الله بالإسلام فإذا طلبنا  العزة في غير الإسلام فلن نجدها , وأود في هذه المقالة أن أرد على بعض المنادين والمطالبين بتطبيق مملكة دستورية في بلادنا وهذا فيه مخالفة كبيرة للشرع الإسلامي , ذلك لأن الله عز وجل يقول في كتابه العزيز (( ومن لم  يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) سورة المائدة أية 44 , ويقول عز وجل (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ))  سورة المائدة أية 45 ويقول عز وجل (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )). سورة المائدة أية 47 .

ونحن في المملكة العربية السعودية والحمد لله دستورنا القرآن والسنة , ولقد أجمع علماء الإسلام أن لا يترك الناس فوضى في كل عصر من الأعصار, وأستقر ذلك إجماعا دالا على وجوب نصب الإمام أو الملك .
ويتضح لنا أن وجود الخليفة أو الملك واجب , ذلك لأن عدم وجوده سوف يؤدي  الأمر إلى الفوضى  وعدم الاستقرار وأن الأمة سوف تكون عرضة للضياع , لأن عدم وجود والي سوف يضعف من شأن الأمة ويجعلها عرضة لطمع الأعداء والطامعين هذا بالإضافة إلى أن الأمن الداخلي سوف ينتهي إلى الفوضى والخراب , والإمام حينما يكون على رأس الأمة فإنه يحافظ على الدين وسياسة الدنيا .
وإذا تعين الأمام أو الملك فيجب علينا طاعته بعد مبايعته امتثالا لقوله تعالى (( يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم )) . والبيعة معناها الصفقة على إيجاب البيع وعلى المبايعة والطاعة وقد تبايعوا على الأمر , كقولك أصفقوا عليه , وبايعه عليه مبايعة عاهدة , وبايعته من البيع والبيعة جميعا , والتبايع مثله , وفي الحديث أنه قال : (( ألا تبايعوني على الإسلام ؟ هو عبارة عن المعاقدة والمعاهدة كأن كل واحد منهم باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره .
فكيف نبايع الملك وأنتم تطالبون بأن يكون الملك رئيس رمزيا للبلاد  لا يملك أي صلاحيات للحكم والذي يحكم هو رئيس مجلس الوزراء , وفي هذا مخالفة  لرأي إجماع العلماء وبالتالي مخالفة للشرع الحنيف , إضافة لأننا أمة تنتمي  إلى قبائل وأعراق مختلفة , أي إننا مجتمع قبلي وحينما نريد أن ننصب رئيسا لمجلس الوزراء بالانتخاب فكل قبيلة تريد أن يكون رئيس مجلس الوزراء أحد أبنائها وهنا تحدث الخلافات وتحدث الفوضى والفرقة بين المجتمع السعودي , فحذاري يأيها الشباب أن تخطئوا فتطالبوا بمملكة دستورية في بلادنا , فأنكم سوف ترتكبون خطأ جسيما , ويجب عليكم أن تحافظوا على هذا الكيان الذي أقامه المغفور له الملك عبد العزيز طيب الله ثراه , وبدلا من أن تطالبوا بقيام مملكة دستورية طالبوا بعمل إصلاحات داخل هذا الكيان , وكلما رأيتم نقصا أو قصورا في أداء الدولة تجاه المواطنين فعليكم أن تطالبوا بإصلاح هذا النقص وإزالة هذا القصور وحيثما نستقرئ التاريخ الإسلامي ماذا نجد ؟ نجد أن بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم انشقت القبائل العربية  , وكل قبيلة تريد أن تكون الزعامة لها حتى أنهم ارتدوا عن الإسلام من أجل الزعامة وأدعى  بعض زعمائها النبوة وللإيثار بالسلطة . إلا أن الله قيض للأمة الإسلامية أمثال أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه وعلي رضي الله عنه وبعد ذلك أخذت الأمة الإسلامية تتشعب فيها الملل والنحل وخرج الشيعة والخوارج وغيرهم  من الفرق الضالة وكل فرقة تريد أن يكون رئيس الدولة منها , إلا أن الله قيض للأمة الإسلامية معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وجعل الخلافة بالتوارث وقضى على هذه الفتنة وكانت الدولة الأموية ثم الدولة العباسية ثم الدولة العثمانية وقد عمل ذلك  معاوية بوجود كثير من كبار الصحابة وأقروه على ذلك , بجمع كلمة المسلمين ووحدتهم وبذلك استطاعت الدولة الإسلامية  أن تحكم العالم أكثر من ألف عام وأنتم بمطالبتكم  تريدون تمزيق الدولة العربية السعودية .
ونحن حينما نرحب بالثورات في الدول السالف ذكرها والتي كانت تخالف الشريعة الإسلامية في تنظيم أمورها ذلك لأن من أهم وظائف الدولة هي حمل الناس على تطبيق الشريعة الإسلامية , كما أن وظيفة الدولة أيضا كما ذكرها ابن خلدون لا تقصر على تطبيق الشريعة الإسلامية فحسب , بل يوجد لها وظائف سياسية وإدارية  , ويعبر عن ذلك بقوله في الخلافة وهي التي تمثل السلطة العليا في الدولة  ( إن حقيقة الخلافة نيابة عن صاحب الشرع في حفظ الدين وسياسة الدنيا , فصاحب الشرع منصرف في الأمرين , أما في الدين فبمقتضى التكاليف الشرعية الذي هو مأمور بتبليغها وحمل الناس عليها , وأما سياسة الدنيا فبمقتضى  رعايته لمصالحهم في العمران البشري ).
ويستمر ابن خلدون مبينا وظائف الدولة بقوله : يوجد عدة وظائف إدارية في الدولة يتولاها المتخصصون من أهل الكفاءات , فما يخص الدين والشريعة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الصلاة والفتيا والقضاء والجهاد والحسبة كلها خاضعة للوالي , وكذلك توجد هناك وظائف تخص الأمور الدنيوية كتقديم الخدمات العامة وحفظ الأمن والبريد .... الخ .

ليست هناك تعليقات:

تابعني علي التويتر