الأحد، 15 يوليو 2012

الربيع العربي قادم وإلى الربيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى الحلقة (35)




الربيع العربي قادم وإلى الربيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى الحلقة  (35)



رأينا في الحلقة السابقة كيف وأن عبد الناصر حول الجامع الأزهر إلى جامعة الأزهر وذلك لكي يضعف المناهج الدينية في هذا الصرح العلمي العريق , حيث كانت تدرس المناهج الدينية بكثافة كبيرة , وقد تخرج علماء فطاحل ذكرت بعض منهم في الحلقتين السابقتين  , واعتقد أنه بموجب المناهج الحالية لا يمكن أن يخرج الأزهر علماء أمثال العلماء السالف ذكرهم وأنا أوردت هذين المثالين وهما جامع الزيتونة , وجامع الأزهر كي أبين كيف وأن زعماء الدول العربية كانوا يحاربون الإسلام بشتى الوسائل , وقد ذكرت كيف وأن عبد الناصر اضطهد الإخوان المسلمين وكذلك حافظ الأسد كيف اضطهد الإخوان المسلمين في سوريا وكذلك صدام حسين بينما  حكومة المملكة العربية السعودية تعمل جاهدة في حماية الإسلام ونشر الدين الإسلامي في أنحاء المعمورة وإقامة المساجد داخل المملكة وخارجها والحمد لله فالقابض على دينه في المملكة كالقابض على التمر , بينما كان في معظم الدول العربية والإسلامية القابض على دينه كالقابض على الجمر لذا فإنني انصح أبنائي الشباب أن يحافظوا على هذا الكيان العظيم وأطلب منهم إذا رأوا قصورا أن يطالبوا بإصلاحه وأنا هنا بدوري أطالب من خادم الحرمين الشريفين بعمل دستور مكتوب للبلاد .


وكما هو معروف لدينا أن جلالة المغفور له الملك عبد العزيز حينما وحد الجزيرة العربية جعل الشريعة الإسلامية دستور البلاد الأساسي , ولذلك فإن المملكة لا تطلق اصطلاح التشريع إلا على الأحكام الشرعية , ونظرا لتغير الحياة وتجديد الأمور في البلاد دفع الحكومة إلى إصدار بعض الأنظمة من أجل ضبط الأمور وتسيرها .



تصريف النظام من الناحية الشكلية:

 والنظام يمكن أن نعرفه من الناحية الشكلية  : بأنه عبارة عن وثيقة مكتوبة تصدر عن جلالة الملك ومجلس الوزراء في نفس الوقت لتنظيم سلوك الأفراد وإدراك مصالح الناس .

وقد صدرت عدة أنظمة في شتى المجالات نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : نظام القضاء الذي صدر في عام 1395هـ , كما صدر في مجال التجارة التي تعتبر الركن الأساسي بالنسبة لاقتصاد المملكة عدة أنظمة منها : نظام استثمار رأس المال الأجنبي , نظام مزاولة مهنة الصيد والاتجار بالأدوية والمستحضرات الطبية , نظام الفنادق , نظام المحاسبين القانونيين  , ونظام تأمين مشتروات الحكومة وتنفيذ مشروعاتها وأعمالها , نظام النقل العام على الطرق بالمملكة , نظام شركات الإنتاج الحربي التي تساهم فيها الهيئة  العربية للتصنيع مع الشركات الأجنبية , نظام الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس .

كما صدر العديد من الأنظمة مثل : نظام مجلس الوزراء , نظام مجلس الأوقاف الأعلى , ونظام التأمينات الاجتماعية , ونظام الإقامة , ونظام الخدمة المدنية , ونظام الغابات والمراعي , ونظام البلديات والقرى , ونظام المواني السعودية.

وقد بلغ مجموع الأنظمة الصادرة حتى الآن حوالي 57 نظاما في شتى المجالات , وكما هو معروف أن كثير من هذه الأنظمة صدرت منذ فترة طويلة , والبعض الآخر صدر مؤخرا , إلا أن النهضة السريعة الخطى التي تعيشها بلادنا , والتقدم المطرد الذي تنعم به في هذا العصر, عهد الرفاهية والتقدم والازدهار , جعل سبل الحياة تتطور تطورا يتناسب والتقدم الذي  حدث , الأمر الذي جعل كثير من الأحداث والأمور قد تجددت مما ترتب عليه أن كثير من الأنظمة أضحت لا تواكب الوضع الجديد  , لذا أري أنه لزاما علينا أن نعيد دراسة جميع  هذه الأنظمة دراسة ميدانية , حتى نستطيع الوصول ِإلى نقاط القصور في النظام حتى نتلافاها .

فمثلا صدر نظام البلديات ماذا نجد في البلديات , نجد في كل مدينة أو عبارة أخري أن كل موظف , أو بالأصح كل مهندس يختلف في معاملته وتصرفه تجاه المراجعين من المواطنين الكرام عن الآخر.

فمثلا نجد في بعض المدن يتدخل المهندس حتى في التصميم الداخلي للمنزل إذ أن المالك ربما نجده وضع تصميما يتناسب واحتياجاته وذوقه في مساحة الغرف , ووضع كل واحدة منها للأخرى , نجد مهندس البلدية يعترض علي هذا التصميم قائلا هذه الغرفة يجب أن تجعلها هنا , والمطبخ يجب أن تجعله هناك , وحينما تريد أن تناقشه يرد قائلا أنت مهندس ؟ فالطبع ترد عليه قائلا لا , فيجيبك : أذهب وأحضر مهندسا يناقشني لأنك لا تفهم في هذه الأمور وعندما يأتي المهندس ويمليه تعليماته الخاصة نجده غالبا قد قلب الوضع رأسا على عقب , حتى أنه أثر على الجدوى الاقتصادية للمشروع ومثلا لذلك تكون قد صممت على واجهة الشارع ووضعت ستة مجالات  أو عشرة محلات تجارية , نجدها تحولت من عشر إلى أربع , وذهب الباقي في عرض المحلات , فبدلا أن يكون عمق المحل (7) والعرض (4) جعل العمق (4) والعرض (7)  وبهذا فقد المالك محلات إضافية كان من الممكن أن يستغلها لأن المحلات الداخلية أجرها أقل من نصف المحلات التي على الواجهة الرئيسية.

هذا مثل بسيط نجد أن المواطنين يتضررون منه يوميا في حين أن القاعدة الشرعية تقول : المالك حر في ملكه يتصرف فيه كيفما يشاء ما لم يحدث ضررا بالآخرين , وتمشيا مع هذه القاعدة فما الضرر الذي يحدث إذا كانت عدد الدكاكين مثلا الأمامية عشرة والداخلية ستة. ولكن أعتقد ربما يلحق الضرر إذا كانت واجهات العمائر غير منسقة , أي أنها لا تدرس دراسة وافية حتى تكون . جميلة تتناسب ووضع البلاد الحضاري والمستوى الذي تعيشه البلاد , فهذا يسئ إلى جمال المدينة , وبالتالي إلى المدينة , ومن هنا نرى أن البلدية ليس لها الحق في التدخل في التصميم الداخلي بقدر ما تدخل في التصميم الخارجي , ولكن لعدم وجود نص صريح يوضح هذه الأمور مبني على قواعد شرعية , جعل المواطنين يعانون كثيرا من هذه الأمور , بالإضافة إلى ضياع الوقت بين المساحين وخلافه .

وكذلك نجد في القسم المختص بحجج الاستحكام ونزع الملكيات , وكذلك في بقية الأقسام , وأنا هنا لا أريد أن أطيل الكلام عن البيروقراطية  التي يفرضها الموظفون على أفراد الشعب لأنه سوف تأتي مناقشة هذا الموضوع بالتفصيل في موضوعه ولكن من أجل ضرب مثل على عدم شمولية بعض الأنظمة ذكرت هذا المثال الذي تعيشه بعضا من مدن المملكة , لذا أصبح من الضرورة بمكانة أن تعاد دراسة جميع الأنظمة , وذلك بعمل دراسة ميدانية بجانب الدراسة المكتبية لنرى مدى قصور كل نظام عن حاجة المواطنين , خاصة وبعد أن تغيرت سبل الحياة عما كانت عليه في السابق , وأن يوضع دستور يشارك في وضعه . وكما ذكرت سابقا نخبة ممتازة من علماء الفقه الإسلامي وعلماء القانون الدستوري  الذين لديهم قدرة الاجتهاد , ويقومون بإعداده ودراسته فقرة فقرة حتى لا تظهر أي مادة منه وفيها مخالفة لقاعدة شرعية أو نص أو إجماع  أو خلافه , ومن هنا نستطيع  الوصول به إلى الكمال , لأنه لا كمال إلا في الشريعة الإسلامية المنزلة من عند الله . خاصة وإن المواطنين يلاقون مشقة كبيرة من البلديات , فنجد مثلا أي مواطن يطلب رخصة بناء فإن ذلك يأخذ منه وقتا كبيرا لكي يحصل على هذه الرخصة , إذ نجد بعض المواطنين ينتظرون سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات أو أربع سنوات أو أكثر من ذلك لكي يحصل على رخصة بناء , كذلك حينما يختزل منه اختزال في أرضه نجد أن الأمانة تحوله إلى مكتب مساحي لكي يخرج له مساحة كل اختزال على حدة , لا يمكن للمكتب المساحي أن يخرج المساحة إلا بعد الاتصال بالأمانة عن طريق الإنترنت وهذا يأخذ وقتا طويلا , إذ نجد أن بعض المعاملات تأخذ سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات حتى يستطيع المكتب المساحي أن يعطيه مساحة الاختزالات , وبهذا نجد أن القيمة الشرائية للتعويض قد تناقصت بارتفاع أسعار الأراضي , وفي الحقيقة أن التعويض نفسه مبخوس قيمته من الأساس , لذا يجب أن يحدد الدستور طريقة سير المعاملات وتحديد مدتها عند كل موظف , وأي موظف تتأخر لديه المعاملة أكثر من المدة التي حددها الدستور يعاقب ويجب أن يكون هناك  من كل أمانة أو بلدية إدارة لمتابعة المعاملات التابعة للجمهور ولديه صلاحيات بمعاقبة الموظفين الذين يتأخرون في إنجاز معاملات الجمهور . وهذه الإدارات تتقبل الشكاوى من المواطنين لكي تنظر في تأخير معاملاتهم هذا بالنسبة للبلديات , أما القضاء  فنحن نعاني الكثير منه لأنه لا توجد مواد دستورية يمكن محاسبة القاضي عليها , فنجد مثلا قضايا متشابهة تعرض على عدة قضاة ونجد كل قاضي يحكم باختلاف الآخر فلهذا يقع ظلم كبير على المتقاضين في المحاكم العامة , لذا يجب تقنين الشريعة الإسلامية بمواد دستورية ويجب أن يحتوي الدستور على جميع متطلبات الحياة العصرية , وبهذا يمكننا محاسبة القضاة بموجب مواد الدستور . أذكر مثالا أن نظام المرافعات ينص على عدم قبول الدعوة من غير ذي صفة , لكن نجد بعض القضاة يطبقون المادة 71 من نظام المرافعات , في حين أن البعض الآخر لا يطبقها , لذا يجب أن يكون هناك دستور شامل لكي يقضي على جميع المشاكل التي يلاقيها الجمهور من جميع الدوائر الحكومية .


                                                                       وإلى اللقاء بالحلقة القادمة إنشاء الله
                                                                            سامي زين العابدين حماد

ليست هناك تعليقات:

تابعني علي التويتر