الأحد، 9 سبتمبر 2012

الربيع العربي قادم وإلى البيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى الحلقة ((42)):



الربيع العربي قادم وإلى البيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى الحلقة ((42)):

تكلمنا في الحلقات السابقة عن أنواع الحكومات وقارناها مع الحكومة الإسلامية وبينا الفرق بين كل نوع من أنواع الحكومات الوضعية والحكومة الإسلامية وفي هذه الحلقة سوف نتكلم عن السلطات العامة في الحكومات الوضعية والحكومة الإسلامية لنعرف الفارق بين كل حكومة وأخرى, فقد سبق وتكلمنا عن السلطة العامة في الدولة الإسلامية, وأوضحنا لمن تكون السلطة أولا, وهي لمجموع الأمة الإسلامية التي تنحصر أخيرا في أهل الحل والعقد منهم, ثم هذه بدورها تقلدها للخليفة, وبهذا فإن الخليفة هو الذي لديه السلطة العامة في الدولة الإسلامية, ولكي يسهل علينا فهم مانحن بصدده أرى أنه من الأفضل أن نشرح ماهي السلطات العامة في الدولة:
نرى أن رجال القانون المعاصرون قد قسموها إلى ثلاثة هيئات, وذلك في الدول الخاضعة للقوانين الوضعية:
1.     هيئة تشريعية تتولى المداولة والفحص.
2.     هيئة تنفيذية تتولى الأمر والتنفيذ.
3.     هيئة قضائية.

أنواعها هي ( التشريع, والتنفيذ والقضاء ) وهذا يعتبر تقسيما عاما بغض النظر لمن سن القوانين التفصيلية التي تنظم سير هذه السلطات, والتي تختلف من مجتمع إلى آخر حسب النظم السياسية والاجتماعية المتبعة في تلك الدول, إذ أن لكل جماعة منظمة بحاجة إلى قواعد واضحة ملزمة تنظيم سلوك الأفراد فيما بينهم, وفي علاقاتهم بحكامهم وهذه عادة ما تكون وظيفة التشريع.
وتقوم السلطة الحاكمة بأداء واجباتها العامة من أجل المحافظة على النظام العام متماشيا مع تلك القواعد, وهنا تبرز وظيفة التنفيذ, إذ أن في تنفيذ ذلك التشريع من قبل الحكام تنحصر في سلطة التنفيذ.
وأخيرا يأتي دو القضاء, إذ أن كل جماعة منظمة لا يحق لأفرادها باقتصاص حقوقهم بأنفسهم, بل يتعين عليهم عند الاختلاف أن يرجعوا إلى سلطات محايدة تقيم حكم القانون وتأدي إلى كل ذي حق حقه, وهذه هي وظيفة القضاء. فمن هنا نرى أنه لزاما علينا أن نتعرض إلى بلورة فكرة السلطات العامة في النظام الإسلامي, وعلاقة هذه السلطات بعضها ببعض, وعادة ما نلاحظ أن جل اهتمام علماء المسلمين ومؤرخيهم كان منصب على السلطة التنفيذية والقضائية, على أن الأخيرة كان الخليفة يقلدها للقضاء, أما السلطة التشريعية فهي من عند الله, ولا حق للبشر أن يقوموا بها, وما لهم إلا الاجتهاد, وهنا أود أن نذكر هذه السلطات الثلاث ونقارنها بالسلطات في النظم المعاصرة.
السلطة التشريعية في النظم المعاصرة:-
وهذه عادة ما تنحصر في سن القوانين التي تقوم عن طريقها بتنظيم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية التي تقوم بتنفيذها السلطة التنفيذية, وهذه عادة ما تسند إلى جماعة يكون عدد أعضاؤها كبير يتم اختيارهم عن طريق انتخابات عامة من قبل الشعب.
تكوين الهيئة التشريعية:-
نظام المجلس الواحد ونظام المجلسين.
إن لتكوين الهيئة التشريعية عادة ما يكون مجلسا واحدا أو مجلسين وأن يكون الحق لكل مجلس في مباشرة الوظيفة التشريعية, وقد نشأ نظام المجلسين التشريعيين في انجلترا نتيجة للتطور البرلماني حيث ظهر على التعاقب مجلس اللوردات والعموم.
اختصاصات الهيئة التشريعية:-
نجد أن هذه الهيئة عادة ما تمارس سن القوانين, وكذلك تقوم بالوظيفة المالية والسياسية لأنها تمثل الشعب في هذه الأمور.
·        أولا: الوظيفة التشريعية:-
وهذه تتمثل في سن القوانين, وعادة ما يمر القانون بعدة مراحل, هي الاقتراح, والمناقشة, والتصويت, والإصدار, إذ يتم نشره لمعرفة كافة أفراد الشعب بالقانون ومدى إمكان تطبيقه عليهم. وتشترك السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية في عملية اقتراح التشريع وتستقل الهيئة التشريعية بالمناقشة والتصويت على مشروع القانون, وتستقل السلطة التنفيذية بعملية التصديق والإصدار والنشر.
·        ثانيا: الوظيفة المالية للهيئة التشريعية:-
ذلك لأن المجالس النيابية التي تمثل الشعب حق الولاية العامة على أموال الدولة من حيث المراقبة على جباتها وعلى مصاريفها.
لذا نجد أنه من واجبات هذه المجالس في النظم الديمقراطية مراقبة الأموال العامة وفي كيفية صرفها, كما أنه لها حق اعتماد الموازنة العامة ومراقبة صرفها, كما انها الحق في الموافقة على عقد القروض العامة وعلى أي ارتباط  يترتب عليه انفاق مبالغ من الخزانة في سنة أو في سنوات مقبلة, وعلى كل التزام موضوعه استقلال مورد من موارد الثروة في البلاد أو مصلحة من مصالح الجمهور العام.
·        ثالثا: الوظيفة السياسية للهيئة التشريعية:-
ويقصد بها بأن السلطة التشريعية من حقها مراقبة السلطة التنفيذية في كل أعمالها ومحاسبتها, وهي في الواقع أهم وظائف المجالس النيابية, وعن طريق هذه الرقابة تستطيع المجالس النيابية معرفة سير الحكومة, ولها الحق في مراجعة الحكومة في كيفية أداء أعمالها, ومن حقها أن تردها إلى جادة الصواب ونطاق المبادئ الدستورية.
السلطة التشريعية في الإسلام:-
في النظام الإسلامي لا توجد سلطة تشريعية, و إنما توجد سلطة تنظيمية, ذلك لأن التشريع في النظام الإسلامي لله وحده, والذي يعتمد على القرآن والسنة والاجتهاد, قال الله تعالى: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } سورة المائدة الآية (3), { إن الحكم إلا لله } سورة يوسف الآية (40), { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء } سورة الأعراف آية (3).
لذا نجد ان في الإسلام لا يوجد سلطة تشريعية وإنما يوجد سلطة تنظيمية, و من هنا نجد أن الشريعة الإسلامية تمتاز بالآتي:-
1.     إن القواعد الشرعية ثابتة لا تتغير بتغير الأيام والحكام, لأنه سواء كان الحكم ملكيا أو جمهوريا, فهذا لا يؤثر على القواعد الشرعية.
2.     احترام القواعد الشرعية احتراما يستوي في هذا الحاكم والمحكوم, ويرجع ذلك إلى انها منزلة من عند الله.
3.     إن قواعد الشريعة الإسلامية تتصف بالدوام والاستقرار, ذلك لأن وضعها على سبيل الدوام لتنظيم شؤون الجماعة, فقواعدها دائمة لا تقبل التغير ولا التبديل, ولم تأت لعصر دون عصر, أو لزمان دون زمان, وإنما هي شريعة كل عصر وكل زمن حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
4.     تمتاز القواعد الشرعية بمرونتها, حيث تتسع لحاجات الجماعة مهما طالت الأزمان وتطورت الجماعة وتعددت الحاجات وتنوعت, فهي مبادئ وقوانين محكمة ثابتة لا تختلف ولا يمسها الخلل أبدا.
5.     إن قواعد الشريعة ونصوصها بلغت من السمو والارتفاع درجة لا يمكن أن تتأخر في وقت أو عصر ما عن مستوى الجماعة.
6.     إن الشريعة الإسلامية اتصفت بالكمال أي أنها استكملت كل ما تحتاجه الشريعة الكاملة من نظريات وقواعد ومبادئ, أي أنها غنية بمادتها ونظرياتها التي تكفل سد حاجات الجماعة في الحاضر القريب والمستقبل البعيد.
السلطة التنفيذية بالنظم المعاصرة:-
وهذه تعني السلطة التي تقوم بتنفيذ القوانين التي تضعها السلطة التشريعية, أي أنها تضع القواعد العامة موضع التنفيذ, وفي هذا المعنى فإن دور السلطة التنفيذية تابع لدور السلطة التشريعية, وتتكون السلطة التنفيذية من رئيس الدولة والوزراء ونوابهم, وجميع الموظفين من كافة الدرجات والمستويات ما عدا السلطة القضائية, و معروف في الدول الحديثة قد نظمت السلطة في صورة وزارات كل وزارة مختصة بنوع معين من فروع نشاط الدولة. وقد يزداد عدد الوزارات في حكومة عن الحكومة الأخرى, ويرجع ذلك إلى تعدد وتنوع الخدمات التي تقدمها الدولة لمواطنيها, وعادة ما تنظم السلطة التنفيذية أي الأسلوبين التاليين:-
                      أ‌-          أسلوب المركزية الإدارية: وهو أن تنحصر جميع وظائف السلطات التنفيذية بأيدي الوزراء, ومن يتبعونهم في العاصمة والأقاليم.
                   ب‌-       أسلوب اللامركزية الإدارية: ( الإدارة المحلية ) وبمقتضى هذه السياسة يتم توزيع اختصاصات السلطة التنفيذية بين الوزارات والمصالح التابعة لها, وبين المجالس المحلية المقيمة وبين الوحدات المركزية المرفقية المتمثلة في الهيئات والمؤسسات العامة التي تتمتع باستقلال إداري تجاه الوزارات المشرفة عليها.
السلطة التنفيذية في الدولة الإسلامية:-
إن الدولة الإسلامية قد عرفت مدلول السلطة ولم تستطع شعوب العالم أن تصل إلى ما وصلت إليه الدولة الإسلامية إلا في العهد القريب فقد عرفتها منذ فجر الإسلام بأنها تشمل مجموع العاملين الذين يقومون بتنفيذ إرادة الدولة, ذلك لأن الخليفة لا يستطيع أن يقوم بتنفيذ جميع الأعمال, وإنما كان يقلد ويقوض الوزراء والعمال وخلافه لكي يقوموا بتنفيذ إرادة الدولة, وبهذا فإن مدلول السلطة التنفيذية في الدولة الإسلامية لا يشمل رئيس الدولة فحسب بل يشمل أيضا جميع أعوانه من مستشارين ووزراء وولاة وموظفين, فيدخل فيها جميع القائمين بالأعمال العامة ما عدا رجال السلطة التنظيمية الفقهاء والعلماء.
السلطة القضائية في النظم الدستورية المعاصرة:-
وهذه يقصد بها السلطة الأمينة على القانون والمختصة بتطبيقه على الوقائع المعنية, وهي بحسب الرأي السائد سلطة مستقلة عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية, إذ لا يوجد أي خلاف حول وجوب استقلال القضاء و أحاطتهم بكل الضمانات التي تضمن استقلالهم.
السلطة القضائية في الدولة الإسلامية:-
إن تاريخ القضاء الإسلامي تاريخ فريد في نوعه, لما فيه من قضاة ندر أن يوجد مثلهم في أي أمة غير الأمة الإسلامية, ذلك أن القضاء في الإسلام تمتع بنوع من الاستقلال فريدا في نوعه لم يتمتع به أي قضاء في أي أمة أخرى, إذ كانوا يعينون من قبل الخليفة مباشرة, وكفانا مثلا أن نقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أول قاض في الإسلام, إذ كان في أول نشأة الدولة الإسلامية تولى الرسول الفصل في الخصومات بين أهل المدينة, فأي شرف هذا الذي ناله القضاء الإسلامي, إذ أن محمد بن عبدالله هو أول قضاته صلى الله عليه وسلم, كما نجد أن سيدنا أبو بكر الصديق أسند قضاء المدينة إلى عمر بن الخطاب, ولما اتسعت الدولة الإسلامية في عهد سيدنا عمر رضي الله تعالى عنه عين أبا الدرداء قضاء المدينة, وولى شريحا بن حارث الكندي قضاء الكوفة, وولى أبا موسى الأشعري قضاء البصرة, وولى عثمان بن قيس بن أبي العاص قضاء مصر, لذلك نجد أن القضاة كانوا يعينون من قبل الخليفة ليباشروا اختصاصاتهم مستقلين عن الولاة. 

                  إلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله
                  سامي زين العابدين حماد





ليست هناك تعليقات:

تابعني علي التويتر