الأحد، 23 سبتمبر 2012

الربيع العربي قادم وإلى الربيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى ((44)):


الربيع العربي قادم وإلى الربيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى ((44)):


لقد شدني إلى الكتابة بهذا الموضوع ما شد غيري من كتاب وعلماء في الرد على الفلم الذي عمل أخيرا في الولايات المتحدة والذي يسيئ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك ما نشر في مجلة تشارلي ايبدو من رسوم كاريكاتيرية تسيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقد أسيء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم قبله في الدنمارك وهولندا وفي كل مرة نجد المظاهرات تخرج في جميع مدن العالم الإسلامي ولا نجد للهيئات السياسية عملا بارزا في طلب قانون يصدر من هيئة الأمم يجرم فيه كل من تطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى غيره من الرسل وعلى جميع الأديان السماوية, في حين أننا نجد كل من تكلم عن المحرقة بكلام صحيح يجرم ويسجن, ولكن حينما يتطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الرسل عليهم أفضل الصلاة والسلام تقول حكومات تلك الدول لا نستطيع لجم هؤلاء لأن قوانيننا تنص على حرية الرأي, في حين أن حرية الرأي تمنع حينما يهاجم اليهود أو المساس بمعادات السامية, فهذه كلنتون التي شجبت الفلم الذي عمل أخيرا وقالت عنه أنه فلم مقزز ولكن دستورنا ينص على حرية الرأي, فلماذا منع في الولايات المتحدة عرض ونشر ثلاث أفلام عملت ضد اليهود, فالأمر حينما يكون ضد الأنبياء أو الذات الإلهية فيكون حرية رأي, أما إذا مس اليهود فهذا خط أحمر لا يمكن التجاوز عليه, وأنا هنا أعتب على الحكومات العربية والإسلامية وعلى جامعة الدول العربية وعلى منظمة التعاون الإسلامي وعلى رابطة العالم الإسلامي أن تقف موقفا موحدا وتطلب من هيئة الأمم بإصدار قانون يجرم ويعاقب عقابا شديدا كل من تجرأ على الذات الإلهية وتطاول على الأديان السماوية وعلى جميع الرسل من أولهم إلى آخرهم.

كما أني أطالب منظمة التعاون الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي بأن تصدر قانونا تلزم فيه جميع الدول الإسلامية بأن كل من يتطاول على الذات الإلهية أو على الرسل أو الصحابة رضوان الله عليهم فإنه يحاكم بموجب هذا القانون الذي ينص على إعدام كل من ارتكب هذا الجرم, إذ نجد أنه في تونس عملت أفلام تطاولت على الذات الإلهية, كذلك نجد كثيرا من الشعراء والكتاب المحدثين والمؤرخين يتطاولون في شعرهم وكتاباتهم على الذات الإلهية وهم ينتسبون إلى الإسلام, وفي مجتمعات إسلامية ولا نجد من يوقفهم عند حدهم, وكذلك نجد ما يطلق عليهم بآيات الله العظمى يخرجون في القنوات الفضائية ويتطاولون على الذات الإلهية, إذ نجد أحدهم يقول: أن الله عجز أن يجعل جميع عباده مسلمين تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا, وآخر يقول أن هذا القرآن ليس من عند الله لأن أسلوبه ركيك ولو كان من عند الله لم يكن بهذه الركة من الأسلوب وإنما هو من صدر محمد ناهيك عن سبهم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتهامهم بالردة والكفر على منابر حسينياتهم أيام الجمع وفي قنواتهم الفضائية, ويتطاولون على الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أبي بكر وعمر وعثمان, إذ نجدهم يرددون تآمر أبي بكر وعمر وأبي عبيدة بن الجراح رضوان الله عليهم في أواخر حياة الرسول صلى الله عليه وسلم على احتكار الحكم بعد وفاته, وأن عائشة رضي الله عنها بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه وحفصة رضي الله عنها بنت عمر رضي الله عنه مهدتا لهم السبيل وأن عليا رضي الله عنه قد اتهم عمر بن الخطاب بالتواطؤ مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه ليكون الأمر له من بعده, وأن عمر رضي الله عنه قد بايع أبي بكر الصديق رضي الله عنه أملا في أن يعهد إليه بالأمر من بعده وأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه رفض تشكيل هيئة نيابية تنوب عن الأمة في مراقبة أعماله, وأن الصحابة قد تركوه يحكم حكما مطلقا, ولم يكن حكمه يخضع للشورى, كما أن الصحابة رضوان الله عليهم هم الذين تنازلوا عن حقهم في الشورى وسبب ذلك في زعمهم أن الصحابة كانوا حديثي عهد بالحكم, كما أنهم يتطاولون على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ويتهمونها زورا وبهتانا مما برأها الله منه من فوق سبع سماواته أي انهم يكذبون القرآن, فالصحابة رضوان الله عليهم من سبهم فهو زنديق ذلك لأن الله عز وجل أقر بعدالتهم في كتابه العزيز وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم فمن ذلك قوله تعالى {كنتم خير أمة أخرجت للناس} وقوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم} وقوله تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا} وقوله تعالى {السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} وقوله تعالى {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} وقوله تعالى {للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون*والذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون*والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولأخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم}, وفي آيات كثيرة يطول ذكرها, وأحاديث شهيرة يكثر تعدادها, وجميع ذلك يقتضي القطع بتعديلهم ولا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله له إلى تعديل أحد من الخلق, على أنه لو لم يردن الله ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجب الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد ونصرة الإسلام, وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأبناء والمناصحة في الدين, وقوة الأيمان واليمين القاطع في تعديلهم والاعتقاد لنزاهتهم, وأنهم كافة أفضل من جميع المخالفين بعدهم والمعدلين الذين يجيئون من بعدهم, هذا ماذهب كافة العلماء ومن يعتمد قوله.

ثم روى بسنده إلى أبي زرعة الرازي قال: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق, وذلك أن الرسول حق والقرآن حق وما جاء به حق, وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة, وهؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة, والجرح بهم أولى وهم زنادقة, انتهى.

والأحاديث الواردة في تفضيل الصحابة كثيرة, من أدلها على المقصود ما رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه من حديث عبدالله بن مغفل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا فمن أحبهم فبحبي أحبهم, ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم, ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله, ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه).

وقال أبو محمد بن حزم: الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا, قال تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما}, وقال تعالى: {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون}.

فثبت أن الجميع من أهل الجنة وأنه لا يدخل أحد منهم النار لأنهم المخاطبون في الآية السابقة, وهي قوله تعالى: {السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين أتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم} الآية يخرج من لم يتصف بذلك, وهي من أصرح ما ورد في المقصود, ولهذا قال المازري في شرح البرهان: (لسنا نعني بقولنا الصحابة عدول كل من رآه صلى الله عليه وآله وسلم يوما أو زاره لماما, أو اجتمع به لفرض وانصرف عن كثب, وإنما نعني به الذين لازموه وعززوه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه, أولئك هم المفلحون) انتهى.

فهؤلاء هم أمنة الأمة ويجب احترامهم وعدم التعرض إليهم أو التطاول عليهم, فإذا لم نحترمهم وهم القدوة فكيف الحال وأن نحترم من قبل العالم غير الإسلامي, هذا عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن باب أولى عدم التعرض أو التطاول على الذات الإلهية أو على رسول الله صلى الله عليه وسلم, حيث ورد في كتاب الصارم المسلول على شاتم الرسول للإمام ابن القيم الجوزية رحمه الله حيث قال: قال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن حد من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل, وممن قاله مالك والليث وأحمد وإسحاق وهو مذهب الشافعي, قال: وحكي عن النعمان: لا يقتل يعني الذي عليه من الشرك أعظم.

وقد حكى أبو بكر الفارسي - من أصحاب الشافعي - أجمع المسلمين على أن حد من سب النبي صلى الله عليه وسلم القتل, كما أن حد من سب غيره الجلد, وهذا الإجماع الذي حكاه هذا محمول على إجماع الصدر الأول من الصحابة والتابعين, أو أنه أراد إجماعهم على أن سب النبي صلى الله عليه وسلم يجب قتله وكذلك قيده القاضي عياض فقال: أجمعت الأمة على قتل متنقصه من المسلمين وسابه. وكذلك حكي عند غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره.

وقال الإمام إسحاق بن راهويه أحد الأئمة الأعلام: أجمع المسلمون على أن من سب الله أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم أو دفع شيئا مما أنزل الله عز وجل, أو قتل نبيا من أنبياء الله عز وجل أنه كافر بذلك وإن كان مقرا بكل ما أنزل الله.

وقال الخطابي: لا أعلم أحدا من المسلمين اختلف في وجوب قتله.

وقال محمد بن سحنون أجمع العلماء على أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم والمتنقص له كافر, والوعيد جاء عليه بعذاب الله له, وحكمه عند الأمة القتل, ومن شك في كفره وعذابه كفر.

وتحرير القول في حكم الساب: أن الساب إذا كان مسلما فإنه يكفر ويقتل بغير خلاف, وهو مذهب الأئمة الأربعة وغيرهم وقد تقدم ممن حكى الإجماع على ذلك إسحاق بن راهويه وغيره وإن كان زميا فإنه يقتل أيضا في مذهب مالك وأهل المدينة وهو مذهب أحمد وفقهاء الحديث.

قال حنبل بن إسحاق سمعت أبا عبد الله يقول: كل من شتم النبي صلى الله عليه وسلم  أو تنقصه مسلما كان أم كافرا فعليه القتل وأرى أن يقتل ولا يستتاب.

من هنا ندرك خطورة التطاول على الذات الإلهية أو على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على صحابته رضوان الله عليهم ويجب علينا أن نشرع قوانين دولية ومحلية تجرم من تطاول على الذات الإلهية أو على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو على صحابته الأكرمين رضوان الله عليهم أجمعين, وكما قرر العلماء أن من تطاول على الذات الإلهية أو تطاول على رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب قتله ومن تطاول على صحابته الأكرمين رضوان الله عليهم وجب جلده.

فإذا أردنا أن نحترم ويحترم ديننا والذات الإلهية ورسل ربنا وصحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم أن نمنع المسلمين أولا من التطاول عليهم وبالتالي نتمكن من منع غير المسلمين التطاول عليهم.

 

                             وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله

                             سامي زين العابدين حماد

ليست هناك تعليقات:

تابعني علي التويتر