الأحد، 7 أكتوبر 2012

الربيع العربي قادم وإلى الربيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى الحلقة ((46)):


الربيع العربي قادم وإلى الربيع الإسلامي هو ذاهب بإذنه تعالى الحلقة (46):

تكلمنا في الحلقة الماضية عن معنى الوزارة في الفقه الإسلامي وفي هذه الحلقة دعنا نتعرف على أنظمة الحكم في الدول الحديثة حيث نجد أن رجال الفقه والقانون الوضعي المعاصر يتجهون إلى تقسيم أنظمة الحكم من حيث السلطة الراجحة فيه, وخاصة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى ثلاث صور:-

1)    النظام البرلماني.

2)    النظام الرئاسي.

3)    نظام حكومة الجمعية أو النظام المجلسي.

أولا: النظام البرلماني:

يعتبر رجال القانون أن الحكومة البرلمانية التي يطلق عليها الإنجليز حكومة الوزارة والتي عادة يفترض فيها قيام حكومة نيابية, فهي تقوم على أساس الفصل القانوني بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, إذ تتولى هاتين السلطتين هيئتان مستقلتان على أن هذا النظام لم يكن وليد الساعة, وإنما تكونت قواعده نتيجة تطور تاريخي طويل ساهم العرف بنصيب كبير فيه, حتى تبلورت أسس هذا النظام واستقرت أصوله تدريجيا.

أركان النظام البرلماني:-

نجد أن النظام البرلماني يرتكز على الأركان الآتية:-

1)    يختار الشعب مجلسا واحدا أو مجلسين لتمثيله.

2)    يكون الملك أو رئيس الدولة غير ممارس لاختصاصات فعلية ذلك لأنه غير مسؤول.

3)    توجد هناك وزارة تكون هي المسؤولة أمام المجلس النيابي وهي تمارس سلطات الحكم وهذه تجمع في يدها اختصاصات السلطة التنفيذية, وتتميز الوزارة في هذا النظام بالوحدة و التجانس.

4)    نجد أن العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية قائمة على أساس التعاون بينهما مع رقابة متبادلة من كل منهما على الآخر وذلك حسب ما يحدده الدستور من وسائل في مثل هذه الأمور ونجد أن حجر الزاوية في البرلمان هي الوزارة المسؤولة التي تتولى السلطة الفعلية في الدولة, لذا نجد أنه أطلق على النظام الإنجليزي اسم حكومة الوزارة.

وتجسيدا لهذا النوع من الحكومات فإن الملك أو رئيس الدولة ليس له الحق في إدارة شؤون البلاد منفردا وإمضاءه لا يكون ملزما إلا إذا مضاه الوزير المختص, ويرجع سبب نشأة هذه القاعدة في إنجلترا, ذلك لأن أختام الملك كانت مسلمة لكبار موظفيه للمحافظة عليها, وحينما يرى الملك أن يوقع أمرا من أمور الدولة استدعى من بيده الختم الخاص, ومن هنا نشأت مسؤولية ذلك الموظف, لأن بموافقته على التوقيع يتحمل المسؤولية بدلا عن الملك, ومن إنجلترا أقتبس هذا المبدأ إلى الدساتير الأخرى, خاصة الدول التي كانت تحت حكمها. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أصبح رئيس الدولة يعمل برأي وزرائه في جميع تصرفاته وتكون هذه الموافقة صراحة أو ضمنا.

و يصبح رئيس الوزارة أو أحد الوزراء رئيس الدولة في اسفاره ورحلاته, كما يجب حضور وزير الخارجية في مقابلات الرئيس مع ممثلي الدول الأجنبية, وكل اتصال شخصي في غيبة الوزير وبدون رضائه الصريح أو الضمني بين الملك أو رئيس الجمهورية ووزير دولة أجنبية يعد مخالفا لروح الدستور والعرف البرلماني.

السلطة الفعلية لرئيس الدولة البرلمانية:-

إذا كانت سلطات و اختصاصات رئيس الدولة في النظام البرلماني قد أسندت جميعها إلى الوزارة المسؤولة أمام المجلس النيابي, إلا أن رئيس الدولة له الحق في تولي اختصاصين على جانب كبير من الأهمية في حفظ التوازن بين السلطتين آلا وهما:-

1)    اختبار وإقالة الوزراء.

2)    حل المجلس النيابي حلا رئاسيا.

·       اختيار الوزراء:

إن حق تعيين الوزراء احتفظ به لرئيس الدولة وهو مقصور على رئيس الوزراء, الذي يكلف بعد اختياره بتأليف وزارته واختيارهم, وبعد هذا يعرضها على رئيس الدولة ليقرها, وذلك لأنه لا يجبر وزير الدولة على أن يعمل مع وزراء يكره العمل معهم, كما أن حرية تعيين رئيس الدولة للوزراء يختلف باختلاف ظروف البلاد, فإذا كانت الأحزاب قليلة ومنظمة كما هو الحال في إنجلترا مثلا وكان لأحدهم أغلبية ظاهرة, لا يستطيع رئيس الدولة في هذه الحالة أن يؤلف وزارة ثانية إلا إذا دعي للوزارة زعماء أو زعيم تلك الأكثرية بالذات, وعلى ذلك فإن اختياره يكون معدوما, لكن إذا كانت الأحزاب كثيرة ومتعددة ولا يوجد هناك أغلبية واضحة أو زعيم حينئذ يتمتع الرئيس بقسط كبير من الحرية في تعيين رئيس وزرائه.

·       إقالة الوزراء:-

نجد أن حق الإقالة في هذا النوع من الحكومات مقيدا كما الحال في حق التعيين, وذلك بموقف الأحزاب في المجلس النيابي وبهذا فإن الرئيس لا يقدم على عزل الوزارة إلا إذا تأكد أن الهيئة النيابية لا تريد الوزارة, وأن الوزارة لا تتمتع بثقة أغلبية البرلمان, وبهذا فإن عزله سوف يكون سليما لا طعن فيه, لأن الإقالة أتت بالاتفاق مع ممثلي الامة. ويحدث العكس في حالة إقالة وزارة مؤيدة من المجلس النيابي, فإن إقالتها خاطئة, ويضع نفسه في مركز بالغ الحرج, لأنه في ذلك يعني تحدي الرأي العام ولا يحترم إرادة الأمة, وعلى هذا فإن رئيس الدولة البرلماني لا يعزل الوزارة الحائزة على ثقة المجلس النيابي إلا إذا ظهر له بقرائن كثيرة ومتعددة بأن المجلس النيابي المذكور أصبح لا يمثل أغلبية الناخبين, أي أن الوزارة القائمة لا تستند إلا إلى أقلية في الأمة بالرغم من أغلبيتها البرلمانية.

·       سلطة رئيس الدولة في حل المجلس النيابي:-

إن حل المجلس النيابي لجميع السلطات الدستورية الأخرى لا يكون من حق رئيس الدولة البرلماني الملك أو رئيس الجمهورية إلا إذا تحرج مركز الوزارة أمام المجلس, عندئذ يرجع إلى رئيس الدولة ليستصدر منه مرسوما يحل المجلس النيابي المنتخب, ويعتبر هذا هو الحل الوزاري في حالة أن الوزارة هي التي طلبت وأشارت به للدفاع عن نفسها, و ربما يقع عكس ذلك, إذ يرى رئيس الدولة على أن الوزارة والمجلس النيابي أصبحا لا يمثلان الأمة, فيلجأ إلى إقالة الوزارة وإلى دعوة وزارة جديدة, إذ تقوم الاخيرة بحل المجلس في هذه الحالة, ويطلق عليه بالمجلس الرئاسي أو الملكي, لأن رئيس الدولة نفسه هو صاحب الفكرة في حل المجلس.

اختصاصات رئيس الوزارة في النظام البرلماني:-

وعادة ما نجد رئيس الوزارة في النظام البرلماني يناط إليه الجزء الأكبر من أعباء الدولة, لأنه هو الذي يتولى القيادة والوزارية التي يرأسها, وتنحصر هذه الأعمال في الآتي:-

1)    الإشراف على الإدارة الحكومية بصفة عامة.

2)    الإشراف على زملائه خارج مجلس الوزارة.

3)    دعوة مجلس الوزراء للانعقاد.

4)    رئاسة مجلس الوزراء وإدارة جلساته.

5)    إقالة الوزراء.

                                   وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله
                             سامي زين العابدين حماد
                                      

ليست هناك تعليقات:

تابعني علي التويتر