العولمة واثرها على
اقتصاديات العالم الإسلامي (6)
راينا في الحلقة
الماضية كيف وان العولمة لم تأثر فقط على افتصاد , بل تعدت الى صيغ الدساتير
تعد او عدة بالصيغة التي تريدها الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة والتي
سلختها من الدين الإسلامي وجعلتها مسخا من دساتير الدول العلمانية وكأن شعوب هذه
الدول لا يدين بالإسلام , ودين الإسلام في عقيدتنا دين ودولة ودستور , ودستورنا
القران والسنة وما أجتمع علية علماء المسلمين من فتاوي دينية
, وقد شرحت ذلك في مقالات
سابقة ,ويرجع سبب ذلك وجود
أناس من شعوبنا يعتقدون ويعتنقون بالعلمانية واللبرالية والاشتراكية والشيوعية ذللك
لان مناهجها الدينية في العالم العربي والإسلامي قد انتزعت من المقررات الدراسية
حتى أضحى الفرد منا يتخرج من الجامعة لا يحسن الوضوء ولا الصلاة ولا يعرف شيئا عن
الدين الإسلامي, ذلك لأنه لو فهم الدين الإسلامي فهما صحيحا فانه باي حال من الأحوال لن يعتنق احد المذاهب السالف ذكرها
لأنه سوف يغنيه الإسلام عن تلك المذاهب الوضعية , ولكن الاستعمار حينما استعمر
دولنا جرد مناهجنا الدراسية من المقررات الدينية ليغرس فينا من أبنائنا جماعات
تكره الدين الإسلامي وتعتنق المذاهب السالف ذكرها , حتى يكونوا عملاء ينفذون مطالب
الدول الاستعمارية الرأسمالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية
اذ نجد في الدستور
التونسي مواد تحمي المرتد عن الإسلام وتحصنه كذلك من تجرأ الى الذات الالهية
والقران والرسل وهذا بالطبع مخالف للشريعة الإسلامية.
وعلينا نحن في أرجاء
اخرى من العالم تحديد موقفنا من هذه الهيمنة الأمريكية ومواجهتها , وعلينا
نحن في الأقطار الإسلامية ان نقرر كيف سنواجه هذا التحدي ونحن في القرن الحادي
والعشرين بأساليب يؤمل ان تكون اكثر نجاحا من تلك التي واجهنا بها حملة نابليون
على مصر عام 1798 او تلك التي قابلنا بها انهيار الإمبراطورية العثمانية عقب الحرب
العالمية الأولى .
مع ذلك فان
موقع الولايات المتحدة القوي في الاقتصاد العالمي ليس مطلقا , لان اقتصاد العالمي
متعدد الأقطاب , فمجمل اقتصاد أوربا الغربية أضخم من الاقتصاد الامريكي , وكذلك
اقتصاد منطقة شرق وجنوب شرق اسيا بوجه عام.
كما أن الاقتصاد
الامريكي ما زال يواجه مشاكل جدية قد تهدد نموه في المستقبل , ومن هذا
المشاكل العجز في الميزان التجاري , على الأخص مع شرق آسيا البالغ قرابة 160 مليار
دولار في السنة وديون دولية متراكمة تربو على الاف مليار دولار , وكانت الولايات
المتحدة قد أعتمدت التسامح تجاه العجز التجاري على أنه جزء من استراتيجيتها
الرامية الى تقوية حلفائها الرأسماليين عقب الحرب العالمية الثانية , ولكن حجم
العجز وثباته أبقيا الضغط على الدولار الأمريكي , وبقى الخطر ينطوي على التسبب في
انخفاض مفرط في قيمة الدولار , لقد أستطاع الدولار الحفاظ على مركز قوي نظرا الى
ثقة المستثمرين بالاقتصاد الامريكي , الى غياب عملة بديلة قادرة على الاستمرار ,
ولأن اقتصاديات شرق اسيا يهمها بقاء الدولار قويا لتنشيط صادراتها , الا أن
استمرار العجز مشفوعا بنمو الاقتصاد الصيني نموا سريعا , علما بأن الصين تصدر سلعا
كثيرة الى الولايات المتحدة .
لقد ادى العجز في
الميزان التجاري الى توسع الاستثمارات الأجنبية وخصوصا اليابانية منها في الولايات
المتحدة , وكذلك الى شراء قطاعات كبيرة من الاقتصاد الامريكي ومنها العقارات
والمؤسسات الصناعية والخدماتية , كما ان الدين الخارجي البالغ الف مليار دولار
والمتوجب في اكثره لليابان يفرض نزفا مستمرا على الميزانية العامة
ويحول دون توظيف موارد مهمة في الاقتصاد وفي الأنشطة الإنتاجية , ولئن كان
بالإمكان تحمل هذا الدين نظرا الى الناتج القومي الامريكي الذي يربو على السبعة
الاف مليون دولار فان هذا الدين يبقى معيقا للنمو السريع .
إن للعولمة أهدافا
أبعد من الربح وأبعد من التجارة الحرة والحدود المفتوحة والأسواق الحرة , أن الخطر
يكمن فيما يسمى بثقافة العولمة أكثر , وتروج العولمة لأربعة ثورات أساسية من
المتوقع ان يكون لها تأثير كبير في حياة الناس جميعا وسط تحديات هائلة , وهذه
الثورات هي : -
1- الثورة الديمقراطية ,
2- الثورة التكنلوجية
الثالثة او ما بعد الثالثة .
3- ثورة التكتلات الاقتصادية
وبخاصة العملاقة .
4- ثورة اقتصاد السوق وحرية
التبادل التجاري , بعد قيام المنظمة العالمية للتجارة لتحل محل اتفاقيات ( القات )
وفي اطار هذه الثورات
ما ينتج عنها من أثار يتم بناء النظام العالمي (العولمة) ويعتمد فيه الاقتصاد على
استثمار الوقت باقل تكلفة وان طريق استخدام المعرفة الجديدة وتحويلها الى سلع او
خدمات جديدة او التحسين السريع والمستمر في المنتجات وطرق التصنيع والدخول بها الى
الأسواق بطريقة فعالة , ولم تعد التنمية الاقتصادية تعني التغير من وضع سيء الى
وضع أفضل بل المهم هو الوقت الذي يستغرقه هذا التغير.
الى القاء في الحلقة القادمة انشاء الله
سامي
زين العابدين حماد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق