الاثنين، 24 فبراير 2014

العولمة وأثرها على اقتصاديات العالم الإسلامي (7)


العولمة وأثرها على اقتصاديات العالم الإسلامي (7)
في هذه الحلقة  سوف نتكلم عن كيفية حدوث العولمة , باي طريق أو من خلال أي قنوات تتم حركة وانتقال البضائع والخدمات والأفراد ورأس المال والأفكار والمعلومات والرموز والاتجاهات وأشكال السلوك عبر الحدود , وما هو دور الشركات متعددة الجنسية في ذلك؟ في رأي (روزناو ) تتم عملية الانتشار من خلال أربع طرق متداخلة ومترابطة :-
1-    من خلال التفاعل الحواري الثنائي الاتجاه عن طريق تقانة الاتصال .
2-    الاتصال  المنولوجي أحادي الاتجاه من خلال الطبقة المتوسطة
3-    من خلال المنافسة والمحاكاة
4-    من خلال تماثل المؤسسات
ولكن (روزناو) ينسى أو يتناسى الدور الكبير ألهام والرئيسي للشركات متعددة الجنسية في عملية الحركة والانتقال وبخاصة مجال البضائع والخدمات ورأس المال والتي تعد من أهم عناصر الانتقالات الكونية .
وتعد الشركات متعددة الجنسية من أقوى القاطرات التي تستخدمها الرأسمالية في جر الاقتصاد العالمي باتجاه العولمة للأسباب التالية :-
1-    الانتشار الواسع والسريع للشركات متعددة الجنسية , حيث وصل عددها الى حوالي 40الف  شركة يمتد نشاطها في كافة القطاعات ويغطي القارات الخمس , وقد بلغت ايرادات اكبر 500شركة متعددة الجنسية في عام 1996م نحو 11000 مليار دولار , وهذا يشكل 44% من الناتج المحلي العالمي الذي وصل الى نحو 23000 مليار دولار . (الوطن العربي 576 مليار دولار ) وتسيطر الشركات متعددة الجنسيات على ثلث الاستمارات الأجنبية المباشرة , وثلثي التجارة الدولية في مجال السلع والخدمات .
2-    أدى الدور الأساسي الذي لعبته الشركات متعددة الجنسية في تدويل الاستثمار والإنتاج والخدمات والتجارة الى سيادة انماط عالمية في الإنتاج . من حيث علاقات الإنتاج وشكل ملكية ووسائل إنتاج – والتسويق والاستهلاك والاستثمار والإعلان والدعاية .
3-    يواكب العولمة أحيانا كثيرة دخول مالكي وسائل الإٌنتاج وارتفاع قيمة أسهم الشركات متعددة الجنسية وكذلك تزايد عدد المصروفين من الخدمة في هذه الشركات, وهذا يؤكد أن لا مكان للمشاعر والمواقف الإنسانية في النظام الرأسمالي العالمي , اذا كان هناك خيار بين الانسانية وحيوية الاقتصاد فليس للرأسمالية سوى الخيار الثاني الذي أدي الى فصل( 43 )مليون عامل من العمل في المؤسسات الأمريكية واصبحت الشركات متعددة الجنسية تتحكم بالاقتصاد العالمي , تتحكم بالإنتاج وتبادله وتوزيعه وتسعيره وتيسير الحصول عليه أو منع وصوله , كذلك تتحكم باستقرار مراكز صناعته في هذا المجال الجغرافي أو ذاك وتتحكم بانتقال راس المال وبخلق الأزمات أو حلها فهي تتحكم بعصب السياسة واعني الاقتصاد.
وتبقى مسألة في منتهى الأهمية , وهي موقف المجتمعات المختلفة من العولمة , هناك معركة كبرى أيدولوجية وسياسية واقتصادية وثقافية تدور حول العولمة و هناك اتجاهات رافضة بالكامل , وهي اتجاهات تقف ضد مسار التاريخ , ولن يتاح لها النجاح , وهناك اتجاهات تقبل العولمة من دون تحفظات باعتبارها هي لغة العصر القادم , وهي اتجاهات تتجاهل السلبيات الخطيرة لبعض جوانب العولمة وهناك اتجاهات نقدية تحاول فهم القوانين الحاكمة للعولمة , وتدرك سلفا أن العولمة عملية تاريخية حقا , ولكن ليس معنى ذلك التسليم بحتمية القيم التي تقوم عليها في الوقت الراهن , والتي تميل في الواقع الى إعادة إنتاج نظام الهيمنة القديم وتقديمها في صورة جديدة, وهذه الاتجاهات برزت في أوربا وفي فرنسا على وجه الخصوص من خلال الموقف الرافض  للحزب الاشتراكي الفرنسي , والذي تبلور بشكل خاص في تقرير الحزب في 3 أبريل 1996م بعنوان ( العولمة وأوروبا وفرنسا ) وهو يتضمن أعنف نقد للعولمة الأمريكية . فضلا عن ذلك بدأت تتصاعد داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها حركات فكرية مضادة للعولمة , لم تقنع بالنقد التفصيلي لكل جوانب العولمة الاقتصادية والسياسية والثقافية ولكنها أبعد من ذلك , وتحاول أن تقدم البديل ولعل أبلغ ما يعبر عن هذه الحركات النشطة حاليا الكتاب الذي حرره (جيري ماندرو ادوارد سميث ) عام 1996 وعنوانه (القضية ضد الاقتصاد الكوني ونحو تحول الى المحلية) وهو يحتوي على أكثر من أربعين دراسة متعمقة .
                                الى اللقاء في الحلقة القادمة إنشاء الله
                                سامي زين العابدين حماد


ليست هناك تعليقات:

تابعني علي التويتر