السبت، 8 مارس 2014

العولمة وأثرها على اقتصاديات العالم الإسلامي (8)

العولمة وأثرها على اقتصاديات العالم الإسلامي (8)
تمثل العولمة التي يشهدها الاقتصاد العالمي تحدياً خارجياً وخطيراً للبلدان الإسلامية وإقتصادياتها , فالعالم الإسلامي مراقب ومهدد في نفس الوقت ويعيش مرحلة من التناحر والتآكل والتهميش فاقداً لأية  استراتيجية  اقتصادية سياسية دينامية للدفاع أو الهجوم .

إن عمليات الضغط والإضعاف التي تستهدف وطننا الإسلامي من أجل زعزعة استقراره وتعطيل مؤملاته حتى لا يبقى أمامه سوى الاندماج السلبي في آليات العولمة , وبالصيغة التي يعرفها الأقوياء تحت اسم التدويل الشامل للاقتصاد أو (العولمة الاقتصادية ) مازال الجدل قائماً بين ثلاث تيارات فكرية متقابلة حول ظاهرة العولمة وأثرها الاقتصادي على بلداننا الإسلامية , فيرى التيار الأول أن العولمة امر طيب ومفيد على وجه العموم , ذلك لأننا سنستفيد من التقدم التكنولوجي المتسارع , ومن تكامل الاقتصاد العالمي الذي ربما يقدم فرصة لم يسبق لها مثيل للتخلص من الفقر ومنح ملايين البشر حياة  أفضل ,بالرغم من أن العولمة ستؤدي حتماً إلى خسارة الاقطار الإسلامية لبعض سيادتها في توجيه اقتصادياتها كما تريد. ويدفع عن هذا التيار مؤسسات العولمة الثلاث والولايات المتحدة الامريكية وبعض رجال الاعمال والتكنو قراط ،
اما التيار الثاني فهو يرى ان العولمة امر واقع ونتيجة موضوعية لتطور قوي الانتاج في الرأسمالية والتقدم العلمي والتقني، وتقود إلى مزيد من التشابك والاندماج بين الاقتصاديات المختلفة الا ان هذه العولمة بأبعادها الحالية تثار حولها ملاحظات وانتقادات جديدة وجدية , أهمها أن مكاسبها تطال عدداً قليلاً من الدول عدد سكانها لا يتجاوز 20% من إجمالي سكان العالم , في حين ان سلبياتها تطال معظم البلدان النامية , وتودي الي زيادة مشاكلها الاقتصادية وتعيق عملية التنمية فيها ويتبني هذا التيار بعض المفكرين في بلدان العالم الثالث وبعض القوي اليسارية والاشتراكية في الدول الرأسمالية .
حتى أن العولمة بدأت تتدخل في الشؤن الداخلية لمعظم الدول النامية كي تعيق تقدمها الاقتصادي والامثال قائمة امامنا اذ نجد حزب العدالة والتنمية في تركيا قد حقق نجاحات كبيرة في خلال العشرة سنوات الماضية تمثلت في ارتفاع الدخل القومي التركي من 230 مليار دولار الي 774مليار دولار ووصلت نسبة النمو    الاقتصادي الي 8,5في المائة بدلاً من 3,5 في المائة , وارتفعت قيمة الصادرات التركية من 3مليار دولار الي 135 مليار وقد وصلت في عام 2012 الي 144 مليار دولار وانخفضت نسبة البطالة بالتوازي مع ذلك من 8,9في المائة بدلاً من 2،10 في المائة هذا بالإضافة إلى ازدياد عدد السياح من 13 مليون سائح إلى 31.5 سنوياً بإيرادات تقدر ب23 مليار دولار وهي تطورات أفضت في مجملها إلى أن تحتل تركيا المرتبة السادسة عشر عبر العالم من حيث قوة الاقتصاد .
 من هنا أضحت تركيا منافساً خطيراً لدول العولمة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية, إذ كانت تركيا في الماضي تصدر مواد أولية فقط , إلى أنها أضحت منافساً خطيراً في صناعة السيارات والحراثات والرافعات والغسالات والثلاجات وصناعة المنسوجات حيث وصلت صادراتها إلى معظم دول العالم بما فيها دول أمريكا الجنوبية .
من هنا شعرت دول العولمة بخطورة حزب العدالة والتنمية فقبيل الانتخابات الرئاسية والبلدية والبرلمانية أوقعت بين حزب العدلة والتنمية وحركة فتح الله كولن وهي حركة اجتماعية له جذور وامتدادات داخل كافة طبقات الشعب التركي وكان لها دور كبير في نجاحات الحزب في الانتخابات الماضية وقد تأججت العلاقة بين الطرفين ذلك لان فتح الله كولن يعيش في الولايات المتحدة الامريكية وقد سمحت له الحكومة الولايات المتحدة الامريكية بأن يمارس نشاطا اقتصاديا اوسع مما كان عليه في الماضي نظير سحب دعمة لحزب العدالة والتنمية التركي , حتي لا ينجح في الانتخابات القادمة , وقد دبرت المؤامرة بإحكام حتى ان الاقتصاد التركي خسر أكثر من مائة واربعة مليار دولار ما بين انخفاض البورصة وخسارة البنوك التركية .
وللأسف الشديد نجد من بين أبناء جلدتنا من يتعاون مع أعدائنا وها هو الامثال قائمة امامنا في تركيا وفي مصر وفي تونس وفي لبيبا وفي اليمن وفي سوريا وفي العراق وفي فلسطين وفي افغانستان , لان دول العولمة لا تريد لدولنا النمو كي نبقي سوقاً تجارياً مفتوحاً على مصراعيه على مدى العصور والايام لكي تبيع منتجاتها الصناعية والزراعية والحربية .
                                          الى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله
                                               سامي زين العابدين حماد

ليست هناك تعليقات:

تابعني علي التويتر