الخميس، 20 مارس 2014

العولمة واثرها على اقتصاديات الدول الإسلامية (9)


العولمة واثرها على اقتصاديات الدول الإسلامية (9)
مما تقدم في الحلقات الماضية يتضح لنا ان العولمة هي احد شرور النظام الرأسمالي العالمي , لأنها تسعى إلى تفويض اقتصادات الدول الرأسمالية المتقدمة عن انكماش أسواقها الداخلية , وذلك بنقل المزيد من عمليات الإنتاج بكاملها وبخاصة الصناعات القذرة , من المراكز الرأسمالية الرئيسة إلى البلدان النامية مع الاحتفاظ بقيادة العملية الإنتاجية في العالم, فالرأسمالية عن طريق العولمة وتحاول حل مشاكلها الاقتصادية بتصديرها إلى بلدان العالم الثالث , وهذا بدوره يؤدي الى زيادة الأغنياء غنا والفقراء فقرا
,  ويتبنى هذا التيار معظم القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلدان النامية التي تعلم ان درجة الفقر وسوء التغذية والبطالة والامراض المنتشرة والتبعية والنهب المستمر لخيرات بلدان العالم الثالث عن طريق الشركات متعددة الجنسية والتبادل التجاري  غير المتكافئ
أهداف العولمة الاقتصادية ونتائجها المستقبلية في الاقطار الاسلامية :-
في ظل العولمة ظهرت بيئة ضاغطة تتراجع فيها مهمات الدولة في الاقطار الإسلامية لتصبح مختصرة في مجرد التسيير الاداري اليومي لسياسات وبرامج مفروضة من مؤسسات العولمة الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمة العالمية للتجارة ومؤسسات مالية دولية اخرى مثل هيئة المعونة الامريكية وطبقا لشروط ومتطلبات الشركات متعددة الجنسية حتى تستثمر في الاقطار الإسلامية (وبعبارة اخرى فإن المهمة الملقاة على الدولة في الأقطار الإسلامية  وغيرها اضحت مجرد ادارة للأزمة أو سياسة إدارة الأزمات . ذلك لأن ادارة الازمة الاقتصادية تشير من وجهة النظر الرأسمالية الى أهمية تجنب تصاعد تراكم الفائض الهائل والمتنامي للرأسمال غير المستثمر أو الذي يمكن استثماره في عملية توسيع النظام الإنتاجي , وهذا يعني أن سياسات تحرير التبادل التجاري والتدفقات العالمية لرأس المال , والنسب العالية للفوائد وتنامي الديون الخارجية , ماهي إلا أساليب ووسائل ابتكرها النظام الرأسمالي العالمي بهدف الحيلولة دون فشل هذا النظام وكان ذلك على حساب البلدان النامية) . ويمكننا تحديد أهم الاهداف والنتائج التي تحصل عليها الاقطار الإسلامية في ظل العولمة وفقا لما يلي :
1: في ظل تعدد أنماط الإنتاج في كافة الاقطار الإسلامية (نمط الانتاج الرأسمالية , نمط الإنتاج ما قبل الرأسمالي , نمط الانتاج غير الرأسمالي) فإن العولمة تهدف إلى تصفية أنماط الإنتاج غير الرأسمالية وتصفية شروطها لصالح سيادة نمط الإنتاج الرأسمالي وحده وشروطه .
2:  في ظل التزايد السريع لعدد السكان في الاقطار الإسلامية فيجب أن يظل هذا الحجم الكبير من الكتل البشرية يعمل وينتج ويستهلك في ظل شروط رأسمالية كلاسيكية أو شبه كلاسيكية .
3: تهدف العولمة إلى تحويل كل المنتجين المباشرين في الاقطار الإسلامية إلى العمل المأجور , أي جعل دخولهم تعتمد على السوق فقط , مع التراجع السريع للترتيبات الاجتماعية والقانونية والعرفية التي كانت تضمن للفرد حقا في دخل ما بمعزل عن اعتبارات السوق
4: ستؤدي العولمة حتماً في الاقطار الإسلامية التي تزايد البطالة بجميع أشكالها وأنواعها , لأن التحول في شكل ملكية وسائل الانتاج لصالح الملكية الخاصة سيؤدي إلى ان الطلب على قوة العمل في ظل العولمة ستكون أقل بكثير من عرض قوة العمل .
5: من المتوقع أن تؤدي العولمة الى تعميق التخلف الاقتصادي في الاقطار الإسلامية وفقدان الترابط بين قطاعات الاقتصاد الوطني (حيث يصبح ارتباط قطاع الفوسفات في بلد ما بالمركز أقوى من ارتباطه بقطاع النفط في البلد ذاته , وهو القطاع الذي يرتبط بدوره بالسوق العالمية للنفط بالمراكز أكثر من ارتباطه بقطاع الزراعة المحلي وفي البلد نفسه )
6: سيكون من نتائج العولمة تصدير الصناعات الاكثر تلويثا للبيئة من المركز الى الاقطار الاسلامية والعالم الثالث وتصدير الصناعات التي تطلب كثافة عالية في اليد العاملة بدلا من الكثافة العالمية لرأس المال
7: سترتفع فاتورة الغذاء المستورد للأقطار الإسلامية بسبب تحرير التجارة في المواد الغذائية وإلغاء سياسات الدعم للصادرات في دول المركز
8: سيكون الميل إلى تراجع الصناعات التحويلية في الاقطار الإسلامية بسبب عدم قدرتها على المنافسة بسبب اعتمدها على السياسات الحمائية لفترة طويلة من الزمن.
9: من المتوقع تراجع اهمية النفط الإسلامي وذلك لأن أهمية النفط الإسلامي مرتبطه بمدى حاجة دول المركز الرأسمالي لهذا النفط , وربما يتم اكتشاف بدائل للنفط بسبب التقدم العلمي السريع والهائل. ادى انتشار نمط الاستهلاك الغربي في الاقطار الإسلامية الى استنفاد مواردها المالية وتشويه بنية الطلب في هذه البلدان وبخاصة الطلب الفعال والكبير للشرائح الفنية التي تتميز بشراهتها الاقتناء كل ما هو مستورد وكل ما هو غالي الثمن , فالمظهرية الزائفة والانفاق التفاخري لدى معظم هذه الفئة الاجتماعية متفشية  بين الرجال والنساء سواء بالنسبة لشراء آخر صرعات (موضة) الملابس المصنوعة في الغرب , او اقتناء احدث موديلات السيارات واجهزة الاتصال واجهزة الكومبيوتر (الحاسوب) وادوات التسلية وتكريس السلع الاستهلاكية الكمالية غالية الثمن في مختلف اركان المنزل , ونجد في بعض الأسر أن كل فرد فيها يمتلك جهاز الكمبيوتر أو جهاز تلفزيون في غرفته وأحيانا هاتف وأجهزة تسلية أخرى
                                                     الى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله
                                                       سامي زين العابدين حماد

ليست هناك تعليقات:

تابعني علي التويتر