العولمة وأثرها على اقتصاديات االدول الإسلامية (4 )
والجدير بالملاحظة ان تجد العولمة جوانها التطبيقية في كافة المجالات
باستثناء ما يتعلق بانتقال قوة العمل ,
ففي الوقت الذي تمارس فيه المراكز الرأسمالية والمؤسسات المالية الدولية
التابعة لها مختلف انواع الضغوط لتامين حرية انتقال السلع والخدمات والرساميل , فأننا
نجدها تضع مختلف القيود والعراقيل لمنع انتقال أو هجرة قوة العمل, وبخاصة من الدول
النامية الى الدول المتقدمة في حين اتصف القرنان الثامن عشر والتاسع عشر بدرجة
اكبر بكثير من حرية الهجرة ,
فمن المعلوم أن هجرة الأوربيين الى الأميركتين والى
نيوزلندا واستراليا وجنوب افريقيا والى كثير من أقطار العالم الثالث المستعمر
أنذاك مثلت صمام أمان للرأسمالية الأوربية وساهمت في الحيلولة دون حدوث تغيرات اجتماعية
كبيرة فيها بسبب البطالة المتفشية وانتشار الفقر والبؤس في تلك المرحلة وعقب ما سببته
الحرب العالمية الثانية من دمار , وبرز الاقتصاد الأمريكي كقوة مهيمنة في الاقتصاد
العالمي , وقد استعملت الولايات الأمريكية موقعها القوي هذا بعد الحرب لخلق حلف
دولي سياسي واقتصادي على اساس مساعدة المانيا واليابان وفي محاولة لأحداث نمو سريع
في اروبا الغربية وفي شرق وجنوب شرق اسيا لمواجهة التهديدات السوفيتية والصينية , وتحققت
منذ الخمسينات مستويات عالية من النمو في تلك المناطق , وقابلتها مستويات عالية
ايضا من النمو في الاتحاد السوفيتي .
ومع بداية تراجع الأداء الاقتصادي السوفيتي في أواخر الستينات أخذ اقتصاد
جديد يذر بقرنيه في شرق وجنوب اسيا على شكل سلع تصديرية رخيصة الثمن ورفيعة الجودة
أخذت تغرق السوق الأمريكية , وتهدد بخلق عجز جدي في الميزان التجاري وازدادت مشكلة
الولايات المتحدة هذه بسبب ارتفاع أسعار النفط عامي 1973/1974م وبالصعوبات التي رافقت
التحول من اقتصاد صناعي الى آخر قائم على الخدمات والتقنية في حقل الإعلام
والمعلومات وقد استطاعت الولايات المتحدة على الرغم من المشاكل الجدية التي
واجهت اقتصادها في السبعينات والثمانينات من ان تتحمل عجزا ضخما في ميزانها
التجاري , وأجرت إعادة بنيان لاقتصادها , واستعادت في اوائل التسعينات المبادرة في
القوى الاقتصادية فيما ظلت أوربا الغربية تقاوم ارتفاع كلفة الإنتاج فيها وارتفاع
البطالة وعوائق اخرى . وفيما ظلت اليابان تتخبط في ركود اقتصادي منذ عام 1990.
نهضت الولايات المتحدة واستعادت حصتها في الأسواق في صناعتي السيارات
والكمبيوتر المهمتين, واعادة تأكيد موقعها على أنها أكبر سوق وأكبر دولة مصدرة في
العالم , ولعل أهم أنها بإنفاقها وبتفوقها في الأبحاث في حقل التقنية الرفيعة
والتطور وضعت نفسها في موقع جيد يخولها الاستمرار في السيطرة على الاسواق العالمية
لبرامج الحاسوب وشبكة الاتصالات العالمية ( انترنت ) في مطلع القرن الحادي
والعشرين .
يقول توم فريدمان الأمريكي ( نحن امام معارك سياسية وحضارية فظيعة ,
العولمة هي الأمركة والولايات المتحدة قوة مجنونة , نحن قوة ثورية خطرة , واولئك
الذين يخشوننا على حق , إن صندوق النقد الدولي قطة أليفة بالمقارنة مع العولمة .
ولكن العولمة بالمفهوم المعاصر ( الأمركة ) ليست مجرد سيطرة وهيمنة
والتحكم بالسياسة والاقتصاد فحسب , ولكنها ابعد من ذلك بكثير و فهي تمتد لتطال
ثقافات الشعوب والهوية القومية الوطنية , وترمي الى تعميم أنموذج من السلوك وانماط
او منظومات من القيم وطرائق العيش والتدبير , وهي بالتالي تحمل ثقافة ( غربية
امريكية) تغزو بها ثقافات مجتمعات أخرى . ولا يخلو ذلك من توجه استعماري جديد
يتركز على احتلال العقل والتفكير وجعله يعمل وفق اهداف الغازي ومصالحه وهذا ما
نراه اليوم مطبق في مصر حيث كانت الاتصالات بين وزير الدفاع الأمريكي ووزير الدفاع
المصري حينما كان على راس الدولة رجل من الإخوان المسلمين لان هذا سوف لا يخضع ولا
ينفذ ما يملي عليه من الولايات المتحدة الامريكية فهذا مخالف للسياسة الأمريكية
والطريق الاستعمارية الجديدة لذا دبروا انقلاب عسكري ضد الإسلاميين في مصر وأتو بأناس
تدار عقولهم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وينفذون ما ترغبه حرفيا وهذا صعب
تطبيقه في مجتمع اغلبه من المسلمين . لذا أدخلوا البلاد في عدم استقرار اقتصادي وأمني
وسياسي واجتماعي , لا هم لهم بمصالح
الشعوب الا مصالحهم وحماية دولة إسرائيل ربيبة الولايات المتحدة .
وأكد ذلك الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش حين قال في مناخ الاحتفال
بالنصر في حرب الخليج الثانية : ( إن القرن القادم سيشهد انتصار القيم الأمريكية
وانماط العيش والسلوك الأمريكي)
الى اللقاء في الحلقة القادمة إنشاء الله
سامي
زين العابدين حماد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق